أجريت -قبل سنوات- دراسة لاستطلاع رأي عدد من الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، آثرت اختيارهم طبقاً لاختلاف مستواهم الدراسي، ودارت حول محورين أثنين أحدهما رئيسي والآخر فرعي، الأول وهو المحور الرئيسي: ما هو سبب التفوق الدراسي؟، وهل يرتبط بالذكاء وحده، أم أن هناك عوامل أخرى مثل الاجتهاد والاهتمام بالمناهج الدراسية؟.
وجاء المحور الثاني -الفرعي – حول الوقت الذي يقضيه الطالب في المذاكرة يوم الاختبار، ليضيف بعداً آخر حول معرفة درجة اهتمام الطلاب بالمذاكرة.
فكانت هذين السؤالين المباشرين:
ما هو سبب التفوق الدراسي؟ هل هو الذكاء وحده ! أم الاجتهاد وإعطاء المناهج حقها من المذاكرة!
أم السؤال الثانوي فقد كان:
كم من الوقت تقضيه أيها الطالب في المذاكرة (يوم الاختبار)؟
المحور الرئيسي جاءت نتيجته مبشرة ومحفزة للغاية، حيث أكد 98% من الطلاب المتفوقين على أنهم يقضون ثمان ساعات على الأقل في المذاكرة خلال أيام الاختبارات.
لكن هذه النتيجة لم تعجب البعض، ومرده أن الطلاب المتفوقين يتميزون عن غيرهم حتى قبل الاختبارات بالفهم والادراك ووفرة المعلومات، لكن غاب عنهم معرفة أسباب تميز هؤلاء الطلاب، الذي يعود إلى كثرة المطالعة في الكتب واحترام الاختبارات وقبل ذلك احترام الدرس والمدرسة.
ومع سعادتي بالنتيجة السابقة، كشف المحور الثاني عن نتيجة مؤلمة جداً، هي أن معظم أبناءنا الطلاب، لا يعطون الاهتمام الكافي للمذاكرة يوم الاختبار.
بل أن منهم من أكد على أن وقت المذاكرة يوم الاختبار لا يزيد على الساعتين، والأدهى أن هناك من قال أنه لا يعير اهتماماً بالدرس يزيد على عشرين دقيقة.
ورغم هذه النتيجة الصادمة، ينجح الطلاب!!، دون أن يبذلوا الجهد الكافي وقت الاختبارات على وجه الخصوص.
وتفسير هذا الوضع المتناقض بين وقت المذاكرة أثناء الاختبارات ونجاح الطالب، أمرين مهمين، الأول: سهولة آلية وضع الأسئلة في وزارة التعليم، والثاني: أن أولئك الطلاب يعلمون جيداً أنهم سينجحون بسبب مرونة نظام التجاوز التي كانت تنتهجه الوزارة في الانتقال من مرحلة دراسية إلى مرحلة آخرى (وقد تغيرت بعض تلك الأنظمة بعد تولي خالد الفيصل وزارة التربية والتعليم حينما أعاد للتعليم شيئاً من هيبته..).
وبعد أن نشرتُ تلك الدراسة ونتائجها على طلابي تقبلوها وآمنوا بما جاء فيها من نتائج محفزة، وكانت لديهم الرغبة الأكيدة في التجربة وعند تطبيق ما جاء فيها كانت النتائج مذهله للغاية حيث حصل الكثير منهم على تقدير ممتاز بعد أن كان أغلبهم لم يحصل سابقاً إلا على تقدير جيد جداً في أحسن الأحول، وخلال تلك التجربة التي قام بها الطلاب قاموا بتطبيق بعض الاستراتيجيات المهمة التي اتفقنا على تنفيذها خلال المذاكرة.
والآن كلي أمل أن يستفيد أكبر عدد من أبنائنا من هذه التجربة التي أعتقد أنها ستغير كثيرا من القناعات لديهم، وستسهل عليهم طريق التفوق؛ بعد تطبيق بعض الاستراتيجيات وهى:
أولاً: الإيمان الجازم بأن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء يقفان عقبة وسداً عظيماً أمام الإنسان “الطالب” حينما يصدانه عن المفيد والنافع.. خصوصاً عن المذاكرة فيجعلان منها شبحاً وكابوساً ينتظر الطالب متى ينتهي ويفوق منه !!
ثانياً: الإيمان بأن الراحة والكسل واللهو و”الفلّة” لا تصنع انجازاً ولا تقدم شيئاً لصاحبها، وأن النجاح والتفوق لا يتأتى إلا بالعمل وجبر النفس على البذل والعطاء الجسدي والروحي.
ثالثاً: التفوق والتميز أمر مطلوب بل يجب أن يكون هدفاً لكل إنسان؛ فإن من أهم سنن هذه الحياة هو التنافس بين الناس للوصول للمقدمة وللقمة، أما من لا يشعر بالرغبة في المنافسة وليس لديه طموح لمزاحمة الغير فعليه مراجعة نفسه لعلها نفسٌ غير سوية أو أنها تعاني من علل نفسية وآفات دنيّة تحتاج لمراجعة أخصائي نفسي أو كيةً من طبيب شعبي!
رابعاً: ليس غريباً أيها الطالب –أيها القارئ- أنك عندما تهُمّ بفتح أي كتاب لـ “القراءة” أو ” للدراسة” فتجده صعباً غير متقبلاً أو غير مفهوم.. فهذه ليس مشكلتك وحدك ولست الوحيد الذي يعاني منها؛ إنما هي مشكلة يشتكي منها الكثير، وقليل هم الذين يفهمونها ويستطيعون التغلب عليها..فهي إذن مشكلة عالمية، أعلم أيها الفطن أن ذلك من عمل الشيطان الذي يريد تدميرك وصدك عن الخير الدنيوي قبل صدك عن الفوز الأخروي؛ فالشيطان يريدك أن تفشل ويجعلك تقبع في المراكز المتأخرة من سباق المقدمة..أتمنى أن لا تُهزم وتُقهر-وأنت تعلم-اجعل الانتصار عليه وعلى نفسك هدفاً ليس دونه هدف.. وحتى تتغلب على تلك المعضلة..إليك بعض الوصايا:
أ- هناك قاعدة ذهبية اتخذها السلف شعاراً خصوصاً في الحروب وإذا اشتدت عليهم الخطوب ..ألا وهي (النصر : صبر ساعة)؛ فأقول: أيها الطالب أرغم نفسك على القراءة والمذاكرة في أول خمس دقائق! لأنك إذا افلحت في ذلك فستدخل “جو” الدراسة وستستمتع بها مع مرور الوقت..
ب- تعامل مع الكتاب على أنك تقضي معه أجمل الأوقات، أو أنك في فسحة من الزمن على أقل تقدير، وعليك أن تتعامل مع الكتاب ببساطة وحميمية وحاول أن تخلق جواً من الألفة بينك وبينه.
ج- المادة التي يصعب عليك فهمها أو أن نفسك لا تتقبلها..أنصحك إما بعمل التلاخيص لها..أو أن تضع الكثير من العناوين على الكتاب أو في ملخص خارجه..أو اذهب إلى اقرب قرطاسية واشتري لك كراسة بهية وأقلاماً ملونة لتلخص فيها وبها عناصر الدرس؛ لأني أعتقد أن المذاكرة بالتلخيص تعتبر أنجع طرق المذاكرة وأرسخها رغم سلبياتها التي من أهمها أنها تأخذ منك وقتاً طويلاً.
د- في أحلك الظروف: لا بأس أن تشتغل على نصف المنهج أو على مواضيع مختارة تعتقد أهميتها..وتطبق عليها تلك الاستراتيجيات .
المشاهدات : 4058
التعليقات: 0