المشاهدات : 1595
التعليقات: 0

اللامعقول في عقود اللاعبين

اللامعقول في عقود اللاعبين
https://ekhbareeat.com/?p=44705

يحكى أن تاجرًا اشترى أرضًا مترامية الأطراف بمبلغ باهظ؛ بهدف إنشاء مزرعة تحتوي على صنوف شتى من النباتات والخضروات والفواكه والزهور، ونظرًا لالتزاماته الكثيرة؛ فقد سلَّم زمام إدارتها ومتابعة أمورها لأحد أصدقائه.

وما إن استلم صديقه المهام التي أوكلت إليه حتى بدأ باستقطاب العمال، وكل ما يلزم من أدوات وبذور لبداية مشروع الحلم الذي ينتظره صديقه التاجر! وبعد أشهر معدودة من الكد والتعب والإنفاق المادي الكبير الذي أنفق على هذا المشروع، إلا أن بوادر فشله الذريع قد لاحت في الأفق؛ لأن من اختاره لهذه المهمة لم يكن لديه نظرة فاحصة للتربة، ولا خبرات سابقة حول مدى صلاحيتها للزراعة؛ لذلك معظم البذور لم ترَ النور! وظلت بذورًا للأبد!

ذلك مثال صارخ لبعض إدارات الأندية التي تتعاقد بملايين الريالات مع لاعبين أجانب محترفين معظمهم استنُفدت طاقته ولياقته البدنية والذهنية مع الأندية التي جاؤوا منها، ولم يتبقَ منهم سوى الاسم الذي صنعوه بداية مشوارهم الرياضي! فهل الاسم يصنع الفارق، ويخدم فريقنا الذي وقع معه؟!

ومما يثير الغضب حقيقة، ويعمِّق الألم الصدري والنفسي، أن اللاعب وهو قاب قوسين أو أدني من اعتزاله اللعبة نراه يملي شروطه على إدارة النادي، ويفرض كل ما يرغب من بنود في العقد ابتداء من قيمة العقد والامتيازات المادية والمعنوية وانتهاء بالشرط الجزائي وغير ذلك مما يضيق به الوقت والصدر، وما على “ربعنا” إلا الإصغاء والإذعان والتوقيع دون أي شروط تحفظ حقوق النادي؛ لأنهم يراهنون على أن الجماهير ستصفق لهذا الفكر الإداري الذي نجح في جلب هذا الاسم الكبير، دون الاهتمام بإمكانات اللاعب الحالية، ومن الوهلة الأولى يطلقون عليه الألقاب، ويحظى باستقبال ملكي كبير عند قدومه! لذلك لا يُلام ذلك اللاعب إن لم يقدم كل ما عنده سواء كان ذلك بعذر أو عن تكاسل؛ لأنه وببساطة حقق الهدف الذي جاء من أجله وهو “المال” وحده. ومما حدث مؤخرًا مع بعض أنديتنا خير شاهد على ذلك؛ فقد جُلب بعض اللاعبين بمبالغ فلكية أرهقت خزينة النادي وبعد موسم أو أقل غادروا النادي الذي لم يستفد منهم شيئًا ولو “عربونًا” من النادي الذي وقع له!

أيعقل في ظل ما تشهده رياضتنا من دعم لا محدود من وُلاة أمرنا- حفظهم الله- أن نرضخ لكل شرط يفرضه علينا اللاعب الأجنبي، دون أن نضع شروطًا قوية تحمي أنديتنا، وتجبر اللاعب على بذل كلِّ ما عنده؛ لأن بعض اللاعبين إن لم يناسبهم المناخ والبيئة قد يعمدوا إلى التراخي، وتقديم عطاء باهت حتى يضطر النادي إلى فسخ العقد، ويعيش اللاعب دور الضحية، فيكون هو الرابح في نهاية المشهد؛ لأن هناك أندية تنتظره للظفر بخدماته؛ لذلك فإني أرى أن نضع شروطًا تجبره على العطاء، وحرث المعلب حرثًا، على سبيل المثال، أنه يوقع على فترة تجربة لثلاثة أشهر مثلًا، وإن لم يستفد منه النادي أو أنه لم يكن إضافة جيدة فسينتهى عقده دون شرط أو قيد.

ختامًا، مهما كبر اسم اللاعب وارتفع سعره، فإنه قد لا يكون صفقة رابحة لأي نادٍ سعودي، وعلى الجانب الآخر قد ينجح لاعب لم تتبعه الفلاشات، ولم يحظَ بشهرة ذائعة قبل وصوله، وقيمة عقده لا تكاد تُذكر؛ وهنا يبرز دور الخبير الإداري صاحب النظرة الثاقبة وكذلك الخبير الفني.

التعليقات (٠) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه. الحقول المطلوبه عليها علامة *

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

*