تعد الصحافة بمنظورها العام انعكاساً لحرية الرأي والتعبير، وقد أفرزت التقنية الحديثة لشبكة المعلومات العديد من الوسائل السلسة التي يمكن من خلالها التعبير عن وجهة نظرٍ ما أو التطرق لموضوع مهم، وأبرزها ما بات يعرف بالصحافة الإلكترونية، ويقصد بها تلك التي تعتمد على نظام الملفات المتتابعة أو المتسلسلة عن طريق الحاسوب وغيره من الأجهزة الذكية.
يجدر بالذكر هنا إلى أن الصحافة المطبوعة ولمدة عقود طوال قد أسهمت وبشكل مسؤول في تثقيف المجتمعات من خلال ما كان يُكتب بهذه الصحف، إلى أن بدأت تطغى التقنية بشكل أكبر، وأصبح بإمكان الفرد نشر المعلومة وبكل سهولة عوضاً عن الطرق التقليدية للنشر بالصحف الورقية. فقد أصبحت كتابة مقال ما في صحيفة إلكترونية أقل تعقيداً من كتابته على صحيفة مطبوعة. وأمام ذلك التطور سارعت الصحف للسير في ركاب التقنية بالدخول لعالم التكنولوجيا وحجز مكانه على الشبكة العالمية، وزيادة جمهورها من القراء عن طريق استخدام التقنيات للنشر الالكتروني لتسير الصحافة الإلكترونية جنبًا إلى جنب مع الصحافة المطبوعة.
ومع ذلك، فان التساؤل الأبرز: إلى أين يسير مستقبل الصحف المطبوعة في ظل هذا التقدم التقني وثورة المعلومات.. إلى أين تسير.. وهل تستطيع الاستمرار والمواكبة أم تكون نهايتها وشيكة!!
ذهب قطاع كبير من الكتاب والصحفيين إلى قرب اندثار الصحافة المطبوعة واعتبار الصحافة الإلكترونية بديلاً أمثل لها بحكم أن التعاملات بشكل عام تتم إلكترونيًا ولم يعد الأشخاص في حاجة إلى حمل الأوراق طالما هناك هاتف محمول بإمكان أي فرد حمله في أي وقت، وباستطاعته تحميل جميع التطبيقات التي يمكنه من خلالها متابعة ما ينشر من أخبار ومقالات في أي وقت وبكل يسر وسهولة، وبدون أي تكاليف مادية تذكر.
إن هذا الاتجاه هو الاتجاه الغالب، وقد أطلق مصطلح “موت الصحافة المطبوعة” وأصبح من الواجب تعلم تقنيات وأساليب وصيغ تتماشى مع الصحافة الإلكترونية ومع الإعلام الجديد الذي أصبح يعتمد على الصحف المتخصصة وليس على الهواة. فموت الصحافة المطبوعة هو موت لأدواتها. إلا أن بعضهم قد يرى أن للصحف المطبوعة طابع خاص لا يمكن للصحف الإلكترونية مجاراتها، بل ومنهم من يرى كذلك أن الصحف المطبوعة تتحلى بالمسؤولية فيما يُكتب بها مقارنة مع بعض الصحف الإلكترونية.
ختاما، يمكننا التوصل إلى أنه على الرغم من كل التحديات التي تواجه الصحف المطبوعة فى ظل طغيان المحتوى الإلكتروني وقيام المنصات الإلكترونية بنشر الموضوعات ومشاركتها مع القراء، نجد أن الصحف المطبوعة تتقدم ببطء، وإن لم تستطع أن تواكب التطور الملحوظ للصحافة الإلكترونية فحتماً سيؤثر ذلك عليها، وعلى مستقبل الصحافة المطبوعة بشكل عام.
للتواصل مع الكاتب: @1iTariq