لا شك أن هذه الظاهرة شائعة في جميع اللغات حول العالم وهذا شيء لا مناص منه في اللغة، فاللغة تعتبر كالفضاء الواسع الذي ليس لهُ حدود. وقد حفزنا أستاذنا الفاضل د. إبراهيم هليل في مادة اللغويات العربية للبحث في هذا المجال.
“والتطور الدلالي لهُ أنواع منها تطور دلالي يلحق القواعد وتطور يلحق الأساليب وتطور يلحق الكلمة نفسها” – د. إبراهيم هليل الشمري –
الكثير من الكلمات كانت تدل و تعني وترمز لشيء معين والآن تغيرت الدلالة بالكامل وربما أصبحت تعني عكس الكلمة المعروف معناها سابقًا لعوامل وأسبابٍ عديدة الدينية منها والسياسية والإجتماعية.
وسنأخذ مثال على ذلك، العرب كانوا يقولون مُتنمر للشخص الشجاع واشتهر النمر عند العرب بالقوة والعظمة.. وَقَالَ عَمْرو بن معد يكرب يمدح قبيلة من اليمنِ : قوم إِذا لبسوا الْحَدِيد.. تنمروا حلقا وقدا
وقيل تنمروا أي تشبهوا بالنمرِ في أفعالهم وقوتهم ضد العدو. بينما الآن هذهِ الكلمة ترمز إلى شخصٍ يُسيء إلى الناس ويسخر منهم الخ..
كذلك كلمة : الفسق تعني الخروج ولكن بتأثير من الدين أصبحت تعني الخروج عن الدين وكذلك مرتبطة بالكفر.
ونأخذ مثال من القرآن الكريم على التطور الدلالي للكلمات فمثلًا كلمة ( فشل ) في الآية الكريمة “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” – سورة الأنفال46 والفشل في هذهِ الآية هو الجبن، الضعف، التاخاذل إلخ.. وذُكر أيضًا معنى كلمة فشل على هذا النحى في – لسان العرب 11/520 – كلمة فشل، والبعض ربما يستشهد بهذه الآية حينما يريد الإصلاح بين مجموعة من المتنازعين كالإخوة وأبناء العم. ومعنى الكلمة بعيد عما يُعرف حاليًا بالإخفاق. فالبعض ربما يُفسر المعنى الظاهر دون العلم بتطور دلالة الكلمة وإنحراف معناها.
كذلك كلمة كفار في هذهِ الآية “كمثل غيثٍ أعجب الكفار نباته” -سورة الحديد20.
قال إبن عاشور في التحرير و التنوير عن إبن مسعود أن الكُفّار هم الزُّرّاع – المزارعين – لأن الزارع يكفر الزريعة بتراب الأرض.
وأسباب التطور الدلالي كثيرة من بينها الحاجة.. حاجة الناس لإستخدام هذه الكلمة لمعاني جديدة في حياتهم اليومية
والحديث عن التطور الدلالي اوسع وأشمل من هذا
لأن هذا المجال لا ينتهي.