فالتربية من أهم عوامل تقدم المجتمعات وتطورها، وبها ترقى الشعوب، وتسعى لإعداد الأفراد إعدادًا متكاملًا للتفاعل مع بيئتهم ومجتمعهم، ويعتبر المنهج بمفهومه الحديث خطة مكتوبة ومعتمدة تمثل جميع الخبرات التربوية التي تقدمها المدرسة لطلابها سواء كانت داخل المدرسة أو خارجها، والاهتمام بالمنهج وتطويره حظي بكثير من العناية والاهتمام في المملكة العربية السعودية؛ وذلك لأهمية الدور الذي يقوم به في تشكيل شخصية الناشئة في جميع جوانب النمو المختلفة العقلية والجسمية والنفسية والاجتماعية. وسنتطرق إلى أبرز ملامح تطوير المناهج في المملكة العربية السعودية على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: من عام 1319ه (فتح الرياض) حتى 1343ه، وهو يوم دخول الحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، حيث كان التعليم من أهم الأمور التي أولاها عنايته، رغم انشغاله بترسيخ أسس الدولة؛ إلا أن نشر التعليم كان شغله الشاغل، وقد تجلى ذلك بدعوته علماء مكة إلى اجتماع تعليمي، حثهم فيه على بذل الجهود لنشر التعليم وتنظيمه والتوسع فيه (اليحيى، 1425ه).
المرحلة الثانية: من 1344هـ حتى 1373هـ، انشأت فيها مديرية المعارف، وهي الانطلاقة الحقيقة للتعليم الممنهج. وأصدرت المديرية العديد من النظم التعليمية التي بحق تعتبر معالم بارزة في تاريخ التطور التربوي في المملكة العربية السعودية، فقد أصدرت نظامًا للمدارس في عام 1347ه (اليحيى، 1425ه)، وظهر أقدم منهج للتعليم الابتدائي في عام 1345ه، وجرى تعديله عدة مرات، ثم جاء التعديل الثاني عام 1355ه (السنبل وآخرون، 1429ه).
المرحلة الثالثة: من 1373هـ إلى 1390هـ، وهذه المرحلة نعتبرها المرحلة الاساسية للتعليم الممنهج، وصدر في هذه المرحلة قرار بتعيين الملك فهد وزيرًا للمعارف عام 1373هـ. ومن أهم التطورات في هذه المرحلة ظهور اللجنة العليا لسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية عام 1389ه، وأنشئت إدارة المناهج في عام 1384ه حيث وضعت منهجًا جديدًا للمرحلة الابتدائية في عام 1388ه يعد أكثر المناهج تطورًا.
المرحلة الرابعة: من 1390هـ إلى 1423هـ، وتعد هذه المرحلة مرحلة تخطيط التعليم وتطويره وحدث فيها نقله نوعية في التخطيط الشامل وربطه بخطط التنمية الشاملة. حيث تم الشروع في خطة لتطوير المناهج عام 1419هـ تتكون من عدة مراحل: الأولى: إعداد وثيقة المناهج، الثانية: تأليف الكتب، الثالثة: تجريب الكتب، الرابعة: تعميم المناهج الجديدة (اليحيى، 1425ه). ويشير السنبل وآخرون (1429ه)، إلى أن تبني المشروع الشامل يهدف لرفع مستوى التعليم الابتدائي وتوجيهه نحو المهارات الأساسية الازمة للفرد في حياته اليومية والاجتماعية وتنمية مهارات التعليم الذاتي.
المرحلة الخامسة: من 1423هـ إلى 1436هـ، ففي عام١4٢١هـ ، وثيقة مناهج العلوم الإسلامية، وفي عام ١4٢4ه، تأليف كتب العلوم الشرعية على الوثائق، وفي 1424ه، تعديل اسم وزارة المعارف ليصبح وزارة التربية والتعليم، وفي عام 1428هـ، صدرت موافقة المقام السامي على البدء بتنفيذ مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم – مشروع تطوير- ليشهد التعليم العام مشروعًا شاملًا للتطوير العملية التعليمية في المملكة العربية السعودية، بغيـة تلبيـة الحاجـات الفردية والاجتماعية ومواكبة التغيرات في مجتمع متسارع التطوير، وفي ظل تطوير المناهج طبق في العام الدراسي 1431- 1432هـ، بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة المشروع الوطني الشامل لتطوير المناهج، حيث بدأ المشروع تدريجيًا. وكذلك بدأت وزارة التعليم بأجراء تغييرات جذرية في مقررات العلوم والرياضيات في مختلف المراحل، حيث بدأت بتطبيق سلسلة مقررات العلوم الجديدة والمترجمة عن شركة ماجروهيل McGraw Hill)) بعد ترجمتها ومواءمتها للبيئة المحلية، ومن أهم ملامح التطور في المناهج تطويرها بشكل متكامل، ويشير الحسين (1438هـ) بأن التكامل والترابط تم تحقيقه بين المواد الدراسية رأسيًا وأفقيًا، حيث تم دمج بعض المواد كاللغة العربية في مادة واحدة.
المرحلة السادسة: من 1436ه حتى الآن، وبتاريخ 9/4/1436ه، تم دمج وزارة التعليم العالي مع وزارة التربية والتعليم بمسمى وزارة التعليم، وفي 18/7/1437هـ، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الجلسة المنعقدة لاجتماع مجلس الوزراء عن موافقة المجلس على (رؤية المملكة 2030)، وكان من أولويات التطوير التربوي وضع مضامينها في سياق تربوي تطبيقي، وأشار الحسين (1438هـ)، لتفعيل استخدام التقنية وربطها بالكتب الدراسية ودمجها في عملية التعليم والتعلم وهي بذلك مناهج رقمية، ففي العام الدراسي 1439/1440ه، تم ربط المناهج الدراسية بالباركود، وعودة منهج الإملاء والخط للمرحلة الابتدائية، وتم إطلاق مقرر مهارات التفكير الناقد والفلسفة في مدارس التعليم العام.
المشاهدات : 10092
التعليقات: 0