الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، لقد فجعت كغيري من محبي واصدقاء ومعارف وأقارب موسوعة الكشافة العربية وعميد الاعلاميين الكشفيين العرب، مُدير العلاقات العامة والإعلام بالإقليم العربي– للمنظمة الكشفية العالمية- سابقاً هشام عبد السلام موسى حسن بدوي، بنبأ وفاته، ولم أعد استطع أن أجمع كلمات العزاء لأنقلها لمحبيه لعظم هول الفاجعة فقد أثارت فاجعة رحيله غصة في الحلق، وانحسارا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني معهود، فتعقد لساني، وتعطل تفكيري، فالكلمات تيبست، والعبارات اختلجت في الصدر، والقلب يتوجس مذعوراً، والحزن يعقد اللسان، ويعجم البيان فالفاجعة أكبر من كل شيء، فلم يكن الراحل أستاذاً عادياً كسائر الأساتذة، بل كان استثناء في كل شيء، ولا اعتراض على أمر الله، ولكنه الفراق الذي يترك في القلب حسرة وفي العين دمعة، وخاصة إذا كان في قريب أو حبيب أو صديق عزيز أو استاذ بمرتبة الأخ أو أكثر، – آه ما أصعب الفراق – أبا دنيا وأنت تغادرنا إلى دار البقاء بعد معاناة مع المرض لازمتك في الفترة الأخيرة.
لقد عرفت أبا دنيا منذُ أكثر من ثلاثة عقود عندما كان مقر المفوضية الإقليمية الكشفية العربية في الشقة الكائنة بشارع بيروت بحي مصر الجديدة بالقاهرة، فوجدته من اصحاب القلوب الكبيرة، والهمم الرفيعة، العاشق للعمل الإعلامي الكشفي، المحُب للعمل التطوعي الخيري الإنساني، صاحب عطاء متدفق كالنهر الجار، صادق الحديث، ملتزم بالقيم الكشفية، رمز في الإخلاص والوفاء لمشايخه وأساتذته وطلابه ومحبيه.
ترجل أبا دنيا عن الدنيا وقد ترك خلفه كنزاً عظيماً من المؤلفات والإصدارات التي ستبقى مرجعاً لكل الأجيال الكشفية ولعل من أهمها كتاب التقاليد والأصالة الكشفية، وكتاب آفاق جديدة في مجالات العمل التطوعي والذي فاز بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي في 2012، وكتاب هواية اللاسلكي بين يديك، والعديد من النشرات المتعلقة بتنمية القيادات، والكثير من المقالات التي توثق معظم الأحداث الكشفية العربية، فقد أبدع رحمه الله في سردها وتوثيقها حتى رحل قرير العين عليها.
لقد رحلت عنا استاذي ومعلمي القدير هشام تاركاً لنا أرثاً كبيراً نعجز عن حمله يتمثل في المحافظة على تاريخ الكشافة العربية، لقد رحلت عنا تاركاً لنا طيب العمل وحسن السيرة ونقاء السريرة ولا نملك بعد تلك الفاجعة الا الدعاء والتضرع إلى الله ان يتغمدك برحمته، فهو سبحانه ملاذنا والمخرج الوحيد لنا من حالة الحزن والاسى.
في ذاكرتي الكثير من المواقف والحكايات مع هذا الاستثناء لأطلع الجميع عليها ولكن الحال حالياً لا يساعد فالحزن كبير وعميق ولعل الله يكتب لنا عمراً لنطلع الآخرين على ذلك الاستثناء الذي لازال طيفه يطوقني، وصدى صوته مازالت أذني تسمعه، ولا أقول هنا إلا سلام الله عليك ورضي الله عنك، وأسكنك جنة الخُلد، وحشرك في زمرة الأنبياء، والصالحين، وجمعنا بك في مستقر رحمته.