الكتاب هو الزاد الفكري والمعرفي الذي يحتاجه كل إنسان، بغض النظر عن تخصصه، ليغذي عقله ويوسع آفاقه.
وللكتب حكايات لا تنتهي، وقصص لا تمل، وحقائق لا تنقضي، وصحبة تجعل المرء يندهش ومن أخبار أصحابها يتعجب، حديث الكتب حديث يفوح على الروح شذى وعلى النفس ندى، كم تتلطف النفس من أكدارها وتعود للروح حياتها بعد معاناتها بجلوس ساعة خلوة في صحبة الكتب الماجدة.
وأقف في هذا المقال مع عدة مؤلفين من خلال كتبهم التي قرأتها في مكتبتي الخاصة وعشت معها ردحاً من الزمن، وأنصح القراء بإقتناءها وقراءتها بتمعن وتأمل.
الكاتب الأول: الدكتور مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي وقد قرأت له العديد من الكتب، وانتقي لكم أيها القراء ثلاث كتب منها.
كتابه الأول : “ميلاد فجر” وهو كتاب لطيف يتحدث فيه عن كيفية العيش بالفأل والأمل.. إلخ
ومن أبرز فوائد هذا الكتاب مايلي :
نافذة من الفأل على قلبك ومشاعرك كافية أن تذيقك النعيم ما بقي من عمرك، وبابٌ من الأمل سيروي عطشك مدى الدهر.
متفائلٌ مهما الدُّجى
فينا أقامَ وخَيَّما
فالحُرُّ يَلقَى مَخْرَجاً
إنْ دقَّ أبواب السَّما
لا يأسَ في قلبِ امرئ
باللهِ آمنَ واحْتَمَى
كثيرة هي المواليد في حياتنا، غير أن ميلاد الفأل والأمل في قلبك ومشاعرك هو أكثرها عمقاً وأثراً في مستقبل أيامك.
من الفأل أن تجعلَ مقابل كلِّ عثرة خطوةً للفأل، ومع كل خطأ تقع فيه مساحة للتصحيح، وألا تحمَّل قلبك ومشاعرك هموم الأخطاء التي تواجهها، والأحداث التي تقع فيها، والمصائب التي تلقاها في عرض الطريق.
الكتاب الثاني: وعنوانه “ابدأ حياتك من جديد” وانتقي لك أيها القارئ الكريم عدة فوائد منه وهي كالتالي :
احتفل بيومك كأعظم فرصة تراها في عرض الطريق، وتذكر وأنت تزف تباشير الفرح بذلك اليوم قول رسولك ﷺ: (مَنْ أَصبح مِنكُمْ مُعَافًى في جَسدِه، آمِنًا في سِرْبِهِ، عِندهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). فمالك لك وللغد ؟!..
لقد علَّمنا نبينا ﷺ أنْ نتفاءل حتى في أحلك الظروف، وألَّا تهزمنا ظروف الحياة وعقبات الطريق ولو بلغت من حياتنا كل شئ، وألَّا نرخي رؤوسنا للرياح العاتية إلَّا بقدر ما يسمح لها بالعبور.
فإن قلت : كيف أبدأ ؟ ومن أين ؟ وما الطريق إلى تلك الأماني ؟ فإنني سأقول لك: اقرأ في سير الناجحين، وقابل أولئك الملهمين، وصاحب من يوقدون في قلبك طلائع المجد.
الكتاب الثالث: بعنوان “التركيز” ومفاده ما تركز عليه ستحصل عليه بإذن الله تعالى وانتقي لك منه أيها القارئ هذه الفرائد التالية :
كتابة الرؤية شئ ملهم للحياة، وحافز على التحدِّي، ويطلق فينا روح النهضة للبناء، ولكن إن لم يكن لها أهداف مرحلية تقطع منها جزءاً كل يوم؛ وإلَّا صارت رؤية لا قيمة لها في النهاية.
التركيز يعلِّمنا النضال من أجل الأهداف والأفكار التي نعيش من أجلها حتى لو كلفنا أن نعتذر عن كل شئ.
الصديق من أعظم ما يعينك على النجاح، ويبعث في قلبك العمل، ويثير في مشاعرك هموم المشاريع، ويعينك على التركيز على قضية وفكرة ومشروع، وقد يُلقي بك في النهاية للأفراح.
الكاتب الثاني: وهو الأستاذ فهد بن عامر الأحمدي وعنوان كتابه “نظرية الفستق” ويقع في جزأين، وأنتقي لكم منه المختارات التالية :
سر النجاح يكمن في وضوح الهدف، والمرونة في التنفيذ.
الانتقاد وتفنيد الأخطاء أمر يسهل فعله على الجميع، في حين أن “الإنجاز” جهد وتعب والتزام لا يقوى عليه معظم الناس.
توقف عن الندم، ومراجعة أخطاء الماضي، واستيقظ كل صباح وكأنك مُنحت حياة جديدة.
لا يوجد إنسان كامل، ولكن توجد في كل إنسان خصلة حميدة حاول اقتباسها منهم.
التفاؤل قوةً خفية تجسّد توقعاتنا الإيجابية على أرض الواقع وخيار شخصي، والتثبيط خيار اجتماعي، وما عليك سوى اختيار الأول، وتجاهل الثاني..
اجعل القراءة عادةً يومية، وهوية شخصية، ورياضة مسائية، واجعله(خير جليس)، وأقرب مستشار، وأفضل صديق، وأجمل رفيق..
وقد أُثر عن ابن عباس رضي الله عنه “انه كان يختم مجالسه بالشعر”.
واختم مقالتي بهذه المختارات الشعرية للشاعر الدكتور محمد المقرن من كتابه ديوان “أحدث الليل”.
ومن لي سواك إله الوجود
إذا ضاقت الأرض في ناظري
قصدتك يا خالقي ما حييت
بيومي وأمسي وفي باكري
على ماذا التناحرُ والضغينة
وفيم الحقدُ يُفقدنا السكينهْ
علامَ نسدُ أبواب التآخي
ونسكنُ قاع أحقاد دفينهْ
أيهجر مسلمٌ فينا أخاه
سنينًا لا يمدُ له يمينهْ
في قلبها حزن هذا الكون أجمعه
لكنها عندما تلقاك تبتسمُ ..!
أَحَنَا القلوب التي تخفي توجُعَها
كي لا يمسّك من الآمها الألمُ ..!
سألتُ في البعدِ عنهم علّهم رفلوا
في خير حالٍ ليهنا بعدهم حالي
وكنت أزعم مثل الناس إذ زعموا
بأن من غاب عني غاب عن بالي ..!
واليوم كذّبني قلبي وكذّبهم
فارقتهم وأقاموا بين أوصالي ..!
ياليتهم أخذوا الذكرى إذِ ارتحلوا
زالوا، وما زال في أعماقنا الأثرُ ..!!
إني إذا نادى الحبيب حببه
والكلٌ نادى أُنْسَه وهواه
ناديتُ في غسق الدجى متذلّلًا
لإله هذا الكون: يا ربّاه ..!
وأخيراً ما أعظم الكتب التي تجعلك تعيد التفكير في حياتك ومستقبلك وتغير نظرتك للحياة دون أن تشعر للأفضل.
وأعظم القراء هم أولئك الذين يبحثون عن الفوائد المكنونة بين السطور هؤلاء هم الذين يصنعون الفرق لأنهم يحملون شعلة المعرفة في أيديهم وينيرون بها طريق الآخرين.
إضاءة :
جميلة هي الساعات التي نقضيها بصحبة الكتب، لكن ربما الأجمل منها هو تلك الدقائق التي تعقب القراءة؛ حيث نخلو فيها إلى أنفسنا، نتأمل ما قرأنا ونجترُّ متعته.