لقد حبى الله سبحانه وتعالى كثيراًً من الناس القدرة على قيادة البشر، وجعل بينهم تفاوت في القدرات من حيث امتلاك صفات القائد الناجح، فمنهم من تجده مُحفز، ومنهم من تجده مؤثر، وآخر صاحب رؤية ثاقبة، ومثله من هو ذكي، وآخرون يمتلكون أكثر من صفة، ولكن لديه صفة مُعينة أكثر تميزاً قادته للنجاح في القيادة، وقد عرفت في حياتي الكشفية العديد من قيادات الكشافة يتصفون بمزايا معينة من صفات القائد الناجح، إلا إن القائد الكشفي حسين بن مصطفى بن حسن الجوادي- رحمه الله – كان شخصية قيادية تكاد تمتلك جميع صفات القائد الناجح، وأن كانت ميزة الحرص على التخطيط هي الأكثر اهتماما لديه وبها استطاع أن ينجح في كل المهام التي كُلف بها سواء في التعليم أو العمل الاجتماعي أو الكشافة بالداخل والخارج، وأتذكر خلال فترة قصيرة شاركت معه فيها بمعسكرات الخدمة العامة لخدمة حجاج بيت الله الحرام التي تُقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية موسم حج كل عام حيث تولى قيادة تلك المعسكرات فترة من الزمن أنه يطلب من كل شخص هدفه وخطته وكنا في بادئ الأمر نعتذر منه بحجة أن الخطط تكاملية وأن مايقدمه رؤساء اللجان كاف، فكان رده دائماً: “أننا لو فتشنا في عدم النجاح في اية عمل سنجد أن الأمر في غالبه يعود إلى عدم وجود هدف أو خطة.. يا أخواني أن من لا يضع خطة لنجاحه فهو يخطط للفشل”، فالخطة يراها أنها هي محور العمل كله على أن تكون مُحددة العناصر الرئيسة، وفيها توزيع المهام بشكل صحيح، كما كان يحرص اشد الحرص أن يكون لكل فرد أو مجموعة أو فريق رؤية واضحة وتُحشد كافة الطاقات لتحقيقها فضلاً عن اهتمامه بالقدوة التربوية الصالحة، وكان من عشاق التحدي والإبداع وفي ذلك يقول نائب وزير التعليم وعضو مجلس الشورى السابق سعيد المليص أن الجوادي عُرف بإبداعه وتحديه وتجديده لكل عمل مارسه، وكسب الكثير من الأصدقاء وأن كان له أعداء فهم قلة من أعداء النجاح فقد كان حسب وصفه قوي الشخصية، وحسن القيادة، ومن ابرز القادة الذين مروا على تعليم المدينة المنورة، ووصفه مدير تعليم المدينة المنورة السابق الدكتور بهجت بن محمود جنيد بأنه كان مثالا للعمل والمحبة والتسامح وكان يمتلك شخصية قيادية.
وقد أنتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الاربعاء الموافق 15ذي الحجة 1433هـ، بعد معاناة طويلة مع المرض، وتمت الصلاة عليه في الحرم النبوي الشريف فجر الخميس 16 ذي الحجة1433هـ ودفن في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة .رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.
وكان رحمه الله له حضور كشفي كبير حيث كان أحد أعضاء مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية في تشكيلها الخامس، والسادس الذي أصبح فيه سكرتيراً عاماً مساعداً، وفي التشكيل السابع والثامن الذي اصبح فيه أميناً للر العام، وقد تولى منصب نائب رئيس اللجنة الكشفية العربية، كما تولى رئاستها من عام 1988 – 1990م، كثاني شخصية سعودية تتسنم ذلك المنصب بعد معالي الدكتور عبدالله عمر نصيف، وساهم في وضع الخطط العامة واللوائح والنظم الكشفية بالمملكة، وقيادة العديد من معسكرات الحج ، كما شارك في المؤتمرات والمخيمات الكشفية العربية، وفي اعمال اللجان المنبثقة عن المؤتمرات الكشفية العربية الثامن عشر والتاسع عشر، وفي اجتماعات لجنة تعديل النظام الاساسي، كما اسهم في ادراج مادة التربية الكشفية ضمن مناهج معهد التربية الرياضية، وترأس وفد المملكة في المؤتمر الكشفي العربي السابع عشر المنعقد في اليمن عام 1986م، ومثل المملكة في اللقاء الرابع للمفوضين الدوليين الذي عقد بالقاهرة عام 1992م والسادس الذي عقد في ابوظبي عام 1997 م ومثل المملكة في لقاء رؤساء الجمعيات والهيئات الكشفية العربية المنعقد في الرياض عام 1997م، وترأس اجتماع امناء الصناديق بالجمعيات الكشفية العربية المنعقد في جدة عام 1999م، وقاد الندوة العربية للتجمعات الكبرى المنعقدة في جدة في نفس العام، كما اشرف على دراسات القادة المتفرغين العرب بالرياض عام 1994م، وشارك في المؤتمرات الكشفية العالمية الخامس والعشرون المنعقد في كوبنهاجن عام 1975م، والرابع والثلاثين في أوسلو عام 1996م، واشرف على المعسكر السعودي الامريكي اليوناني بالرياض 1983م، ومثل المملكة باللقاء العربي الأوربي بالكويت عام 1998م.
وامام هذه العطاءات تم منحه قلادة الكشاف العربي، وقلادة مجلس التعاون الخليجي لرواد الحركة الكشفية، والقلادة الكشفية الفضية لجمعية الكشافة العربية السعودية.