إن قيمة الانسان والاستثمار فيه هي السبيل إلى بناء المجتمعات والتقدم الحضاري، إذ أن الحضارات والدول لا تقاس ببنائها وثرواتها، بل باهتمامها ببناء الانسان الذي يشكل الجزء الكبير في مسيرة الحياة، واستمرارية تلك الحضارة المبنية على مدى الاهتمام ببناء ذلك الانسان الذي يساهم في التطوير والتوازن في هذا الكون.
ويتحقق بناء الانسان في بناء شخصيته وتربيته التربية الصحيحة المبنية على القيم والأخلاق وتزويده بالمعارف والعلوم إذ أن العلم مقرون بالقيم والمسؤولية إذ هو أساس البناء، فأول ما نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كلمة أقرأ ومن هنا نستشعر بأن التعليم والتكليف هما نقطة الانطلاق لذلك.
من ينظر إلى التاريخ أيضاً سيعلم مدى أهمية بناء الإنسان في حياة الشعوب التي دُمرت بسبب الحروب وأمثلتها كثيرة، فنرى تلك الدول نهضت وتطورت ليس بثرواتها المادية بل بإعادة بناء ذلك الإنسان الذي ساهم في تطوير وطنه، كاليابان تقدمت في مجال “إعادة بناء الإنسان” رغم الحطام واستطاع النهوض بها وانتشلها من القاع ، بينما لو عدنا إلى التاريخ القديم وشاهدنا سور الصين العظيم الذي تفوق ببنائه سنراه مبنياً على أساس مادي متين صامد إلى هذا اليوم، لكنه لم يستطيع إيقاف تلك الغزوات التي تكررت لمرات عديدة ليس لعيب في هذا الصرح الشامخ بل كانت الجيوش تدخل من أبواب ذلك السور العظيم عبر حارسه الذي لم يكن مبنياً على أساس واعٍ بأهمية وطنه ومكتسباته.
لذا من الضروري البحث عن مبادئ صناعة ذلك الانسان إذ أن الدولة القوية تُبنى رغم قلة مواردها، لكنها لا تبنى بجهل مجتمع لا طموح له ولا علم ولا معرفة، ومن هنا نرى بأن بناء الانسان لا ينتهي وقته بل مستمر منذ ولادته إلى أن يتوفاه الله، لكونه جزء من هذا الوطن وبعلمه ومعرفته وبناء شخصيته تتحقق المصلحة الوطنية وتصل الدول إلى مراتب عالية في النمو والتطور.
واليوم وما نراه حاضراً ومثالاً على تطبيق هذه القيم، المملكة العربية السعودية، وفي فترة قصيرة جعلت الانسان استراتيجيتها المستقبلية فوفرت له كل الأدوات والسبل لبناء مهاراته وتعزيز قدراته وجعلته أمام مسؤولية بناء الوطن الذي يعتمد على بنائه البناء الصحيح، ونرى جلياً تأكيد قيادة السعودية الاستثنائية، وإيمانها بالإنسان وقدراته واعتباره ثروة الوطن المتجددة، واليوم نراها تصل به إلى أعلى المراتب
المشاهدات : 213
التعليقات: 0