نسمع كثيرًا ونتمثل بعض الجمل في بعض المواقف:
ماوراء السطور، وخلف الكواليس، وغيرها من الجمل.
وحين نتمثل هذه المقولات وغيرها يكون المقام والحدث هو الدافع لذلك؛ فلكل مقام مقال.
خلف الكواليس لايمكن أن يدركها كل أحد؛ بل قد يظن البعض شيئًا والحقيقة ليست ما يظهر لهم ..
إِذَا رَأَيْتَ نُيُوْبَ اللَيْثِ بَارِزَةً …
فَلَا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيْثَ يَبْتَسِمُ…
لَا تَحْقَرَنَّ صَغِيْرًا فِيْ مُخَاصَمَةٍ …
إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ.
نعم إنها الحقيقة و واقع كثير من الناس حينما يكون في حال ويجامل ليظهر خلاف ذلك؛ فوراء الكثير من الابتسامات دموع خلف المآقي، تؤلم القلب ولا يشعر بها إلا أصحابها الذين يصارعون لإخفائها وإظهار ابتسامة المجاملة، ذكاء عاطفي اجتماعي يحسنه أصحاب الذكاء، وقد لا يصدق به غيرهم .
نواجه في ممرات الحياة كثيرًا من الشخصيات الإيجابية، والتي قد تمر بمواقف صعبة، لكنها مع ذلك تبتسم وتتعامل مع غيرها بعيدًا عن تلك الإرهاصات؛ بل قد تتحمل كثيرًا من الصعاب وتجامل غيرها، غيرها الذين مع الأسف، يظنونها لاتشعر ولا تتألم، وهذا خطأ كبير أن نقيس عمق الشخص من خلال موقف جاملنا فيه، أو ابتسامة يختبئ خلفها كثير من الألم…
سؤال :
هل مررت أيها القارئ بموقف كنت فيه تشعر بحال من الإرهاق والألم بسبب تعرفه ويجهله غيرك، وكنت حينذاك تتحامل على نفسك وتجامل وتصبر، وقد ظن الآخرون بك خلاف ماتشعر به؟؟
مالذي يمنع أن نوسع نطاق تفكيرنا لندرك أن مايمر بنا قد يمر بغيرنا؛ وبناء على ذلك نتعاطف مع مواقف الغير ولا نحكم عليهم من خلال الظاهر لنا ولا من خلال كلام الآخرين عنهم.
حقيقة:
هناك أناس ترسم المواقف الصعبة على قسمات وجوههم ملامح حزن وألم مهما حاولوا إخفاءها إلا أنها تظهر واضحة جلية لدرجة أن من يقابلهم لا يتوانى في سؤالهم :
( مالذي حدث؟ وماذا بكم ؟ وغير ذلك من الأسئلة )
ومع ذلك تكون الإجابة :
لاشيء…
ياترى : هل لابد من تصريح لما خلف الكواليس حتى يشعر الآخرون ولا يطلقوا أحكامًا قد تسيء؟؟!!
إذا كان ذكر المبررات لكل موقف لا ينبغي؛ حتى نعيش مع الآخرين بصدق ونوايا حسنة، فكيف بشرح وتوضيح مشاعر وسلوك وقيم قد جُبلنا عليها ولابد للأطراف الأخرى من فهمها دون أن نُعرّفهم بأنفسنا في كل موقف.
التعايش مع صفات الآخرين ليس شرطًا أن يكون قبولها والذوبان فيها، وليس معناه أن نصحح لهم في كل مرة، أو يطول النقاش بيننا من أجل إثبات من الصواب ولماذا هذا وغيره، مما يسمى( الانتصار للذات )
نحتاج فقط إلى إحسان الظن، وأن ندرك أننا بشر؛ نخطئ ونصيب.
ولابد لابد من تلك الذكاءات التي كان عليها محمد صلى الله عليه وسلم.
حينما قال عليه الصلاة والسلام:( قل خيرًا أو اصمت ) كان يدرك تمامًا وهو الذي لا ينطق عن الهوى أن الإنسان لابد أن يفكر فيما يقول؛ حتى لا يكون كلامه وحكمه على غيره ظلمًا له قبل أن يكون ظلمًا لهم..
وقفة،،
لاتستعجلوا في الحكم؛ فالمواقف كفيلة بإظهار كل شيء، فقط أحسنوا الظن..