تعد اللغة الإنجليزية من أكثر لغات العالم انتشارًا واستعمالًا في أنحاء العالم في عصرنا الحديث. وبسبب انتشارها الواسع انبثقت العديد من الأشكال والتنوعات المختلفة للغة الإنجليزية التي تُعرف عند بعض اللغويين بمصطلح(Englishes) الذي يعني الإنجليزيات في لغتنا العربية.
حيث يشير مصطلح(الإنجليزيات) إلى التنوع اللغوي، والاختلافات التي طرأت على اللغة الإنجليزية عند استعمالها في سياقات مختلفة في شتى أنحاء العالم. فالإنجليزيات ماهي إلا انعكاس للطرائق المتنوعة التي تُستخدم بها اللغة الإنجليزية في مختلف الأماكن والسياقات الاجتماعية والثقافية. ولاشك، أن هذا التنوع ينجم بسبب التأثيرات المختلفة للغات والثقافات المحلية على اللغة الإنجليزية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللغة الإنجليزية بعدما أصبحت لغة عالمية لم تعد محصورة في موطنها الذي ترعرعت فيه بل صارت اللغة المشتركة في جميع المجالات. ونتج عن ذلك ما يعرف اليوم بالإنجليزيات التي سأسلط عليها الضوء في هذا المقال. حيث تتنوع الإنجليزيات وفق المناطق الجغرافية والخلفيات الاجتماعية في أرجاء المعمورة. على سبيل المثال، فهناك الإنجليزية المنبثقة من الدول التي تعد لغتها الأولى مثل، بريطانيا، و أمريكا، وكندا، ونيوزيلاندا، وأستراليا. ثم الإنجليزية المستخدمة في الدول الأخرى سواء أكانت كلغة ثانية أو أجنبية مثل الإنجليزية المستخدمة في الهند، وغانا، وبنجلاديش، وسريلانكا، والصين، والدول العربية. لهذا؛ لو أمعنا النظر، لوجدنا أن اللغة الانجليزية تنوعت وتعددت عند استعمالها في أماكن مختلفة من العالم. وهذا التعدد ولَّد اختلافات وأشكالًا عدة على مستوى اللغة الإنجليزية من حيث نطقها، وقواعدها، ومفرداتها، وأضاف لها سياقات ثقافية، واجتماعية. ونظرا لهذه الاختلافات في الانجليزية عند استخدامها ربما يجد ابن اللغة(صاحب اللغة
A native speaker) كلمة، أو مفردة لا يفهمها. لماذا؟ بسبب الخلفية الثقافية، بالإضافة إلى إقتراض اللغة الإنجليزية من اللغات المحلية. وسأضرب مثلا لتقريب الصورة، يقول ديفيد كريستل- وهو عالم لغوي بريطاني الجنسية- عندما سافر إلى جنوب أفريقيا، نظر إلى لافتة مكتوب عليها بالإنجليزية Robot ahead يقول: فقلتُ: ماذا؟ يسأل ديفيد قائد السيارة عن معنى كلمة Robot التي كُتبتْ على تلك اللافتة. فقال له قائد السيارة: ما تعرف معنى Robot! فقال له ديفيد: لا أعرف معناها. فقال قائد السيارة: الجميع يعرف معناها! وكأن لسان حاله يقول عجبا لعدم معرفتك لهذه الكلمة، و أنت ابن اللغة الإنجليزية. فأخبره قائد السيارة بعد ذلك بأن معناها إشارة المرور. يقول ديفيد كريستل عن نفسه معلقا على هذا الموقف الذي مرَّ به: أُعدُ أجنبيًا هنا (يقصد في جنوب أفريقيا) مع أنه صاحب لغة. ثم قال ديفيد كريستل في محاضرة القاها على متعلمي اللغة الإنجليزية: لو نظرتَ إلى قاموس جنوب أفريقيا، لوجدتَ 10000 كلمة في ذلك القاموس لا تستخدم إلا في جنوب أفريقيا، وربما تصادف كلمة ليس لديك فكرة عنها بسبب الخلفية الثقافية. ولا يفوتني هنا أن أعلق على هذا الموقف الذي حدث لديفيد كريستل عندما كان في جنوب أفريقيا- ابن اللغة، وعالم اللغويات- حيث قال بكل تواضع لقائد السيارة الذي اندهش من عدم استيعابه لكلمة Robot: لا أعرف معنى Robot واستفسر عن معناها بكل ثقة، وهذا يدل على تبحره وعلمه في اللغة الإنجليزية. فلا عيب أن نسأل عمّا لا نعلم حيمنا لا نعلم. لهذا؛ لا يوجد فرق بينك كمتعلم للغة الإنجليزية، وبين ابن اللغة عندما تذهب إلى أجزاء مختلفة من العالم؛ لأنك كصاحب لغة أو مُستخدم للغة الإنجليزية تصادف تغيرات جديدة في الإنجليزية على مستوى نطقها، ومفرداتها، وحتى قواعدها.
وفي هذا المقال، سأسلط الضوء على الاختلافات التي تمخض عنها مصطلح الإنجليزيات(Englishes) كمقارنة؛ لكي أوضح الصورة.
أًولا: هناك اختلافات بين الإنجليزية الأمريكية، والبريطانية على مستوى النطق، والإملاء، واستخدام القواعد.
فمن ناحية النطق نأخذ هذه الكلمة Schedule على سبيل المثال فنجد أنها تُنطق بالانجليزية البريطانية /ʃedʒ.uːl/ بينما تنطق بالانجليزية الأمريكية /skedʒ.uːl/ .
أما من ناحية، الإملاء فلننظر إلى هذا الكلمة: Encyclopaedia
فسنلاحظ أن الإملاء البريطاني احتوى على ae في وسط الكلمة، بينما الإملاء الأمريكي كتبها هكذا:
Encyclopedia نلاحظ أن الإملاء الأمريكي اكتفى بحرف E فقط، وحذف A.
وأما من ناحية القواعد، فنلاحظ أن الإنجليزية البريطانية تستخدم The present perfect المضارع التام مثل:
I have just eaten.
بينما الإنجليزية الأمريكية تستخدم The past simple مثل: I just ate
ثانيًا: سأعرض مثلا يوضح الاختلافات التي طرأت على الانجليزية عندما انتشرت في العالم.
في الإنجليزية الهندية، يُستخدم المضارع المستمر Continuous present مع الأفعال التي لا تستخدمها الإنجليزية البريطانية، والأمريكية في حالة المضارع المستمر. على سبيل المثال، الإنجليزية البريطانية والأمريكية تستخدم هذه الأفعال في حالة المضارع البسيط Present simple:
Know, think, remember
لذا؛ يُقال- على سبيل المثال- في الإنجليزية البريطانية، والأمريكية:
I know something. I think about it.
بينما في الإنجليزية الهندية تُستخدم تلك الأفعال التي ذكرتُها في حالة المضارع المستمر فيُقال- على سبيل المثال- في الإنجليزية الهندية:
I am knowing something. I am thinking about it.
وما ذكرتُه هنا على سبيل المثال لا الحصر؛ لأنه ليس بالهند فقط وإنما سائد مثل هذا الاستعمال للإنجليزية في أجزاء مختلفة من العالم.
ولا شك، أن التحول والتغير في اللغة الإنجليزية مستمر بعد انتشارها في كل مكان. ولعلكم لاحظتم شعار ماكدونالدز الذي كُتبتْ عليه هذه العبارة:
I’m loving it.
حيث اُستخدم الفعل love في هذه الجملة في حالة المضارع المستمر في حين أنه لم يستخدم في الإنجليزية البريطانية، والأمريكية إلا في حالة المضارع البسيط؛ لأن متحدثي الإنجليزية سواء البريطانيين، أو الأمريكيين- ابناء اللغة(Native speakers)- يقولون: I love it
ولكن يقول معظم الناس اليوم: I’m loving it بعدما تبنتْ ماكدونالدز هذا التحول العام في اللغة.
وخلاصة القول، إنه مع بروز الإنجليزيات(Englishes) فإنه يتم قبول التنوع في النطق، والقواعد، والمفردات كأمر طبيعي وجزء لا يتجزء من تطور اللغة. لذا؛ ينبغي على مستخدمي اللغة الإنجليزية التكيف، والتأقلم مع السياقات الثقافية المختلفة التي حملتْها في احشائها الإنجليزية عند انتشارها كلغة عالمية في شتى أنحاء العالم. ولا ينبغي أن يهيمن أي شكل من أشكال اللغة الإنجليزية على الآخر؛ لأن الإنجليزية أصبحت لغة عالمية. ومنه وعليه، ينبغي لمتعلمي الإنجليزية الاستماع إلى كل الإنجليزيات المنتشرة في أرجاء العالم؛ لكي يتحقق الفهم المتبادل عند استخدام الإنجليزية. ولا يفوتني في هذا المقال أن أنوه أن هذا المقال يسلط الضوء على الإنجليزيات المنتشرة في أنحاء العالم. لهذا؛ ينبغي لمتعلمي اللغة الإنجليزية أن يتبعوا القواعد، والأنطمة التي تتبعها المؤسسات التعليمية التي تتبنى منهاجا تعليميا على ضوءه يتم التعلم بناء على مستويات معينة ينبغي للمتعلم أن يتجاوزها، ووفقًا لكل مستوى يُقيم كل متعلم على حده؛ لأن هناك معايير ينبغي لمتعلمي اللغة الإنجليزية الالتزام بها، وأن لا يحتج متعلمي اللغة الإنجليزية على المنهج الذي رسمته المؤسسات التعليمية بظهور الإنجليزيات التي تقبل التنوع والتعدد على مستىوى النطق، والمفردات، والقواعد؛ لأنه مازال في مرحلة التعلم.