أدى المصلون في جميع مناطق المملكة اليوم صلاة الاستسقاء اتباعا لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر أملا في طلب المزيد من الجواد الكريم أن ينعم بفضله وإحسانه بالغيث على أرجاء البلاد.
ففي مكة المكرمة أدى المصلون صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس الذي أوصى في خطبته المسلمين بتقوى الله سبحانه؛ فبالتقوى تُسمع الدعوات، وتُدفع المِحنُ، وتُرْفعُ الابتلاءات، وهي مِفْتَاحُ الأغلاق، وبابُ الأرزاق، وتنَزُّلِ البركات ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾.
وقال فضيلته لا يخفى على شريف علمكم أن ما يُصيب العباد من نَوَائِب الجَدْبِ واستئخار الغيثِ واللّأواء، وكوارث المِحن والبلاء، أنَّه امتحانٌ وابتلاء، قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾، وهل أوقع النّاس في البلاء وسَاقهم إلى الشدَّة والعَنَاء، إلاَّ التفريط في تطبيق شَرائع الإسلام، وهَدْي السُّنَّة والقرآن.
وأوضح أن إقامة صلاة الاستسقاء، واللجوء إلى الله وسؤاله رفع الجدب وإنزال الغيث، كان من سنّةِ نبينا المصطفى عليه أفضل صلاة وأزكى سلام فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “شكى الناس إلى رسول الله قُحُوطَ المطر فأمر بمنبر فَوُضِعَ له في المُصَلَّى ووعد الناس يوما يخرجون فيه، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حَاجِبُ الشمس، فقعد على المنبر فَكَبَّر وحمد الله سبحانه وتعالى ثم قال: “إنّكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إِبَّانِ زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم”، ثم قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ~الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ~مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغنى ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين” (أخرجه أبو داود بسند حسن)، وأخرج الإمام أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه{ يصف حال النبي صلى الله عليه وسلم عند خروجه للاستسقاء فقال: “خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم متواضعًا مُتَبَذِّلًا مُتَخَشِّعًا مُتَرَسِّلًا مُتَضَرِّعًا”.
وأكد الشيخ السديس أن البلاء لا يرفع إلا بالتوبة والدعاء، فما دواء العصيان إلا التوبة ، وما دواء القحْط إلا الاستغفار، قال تعالى عن نوحٍ عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً~يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً~وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾، وقال تعالى عن هودٍ عليه السلام:﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾، قال بعض السلف :”كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رُفِع أحدهما؛ وهو رسول الله عليه الصلاةوالسلام، وأما الباقي فهو الاستغفار فتمسكوا به لأن الله جل وعلا يقول:﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وفي الحديث الصحيح:”لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أُخِذُوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا” أخرجه ابن ماجه والبيهقي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وقال فضيلته لا تيأسوا ولا تقنطوا، وأبشروا واستبشروا، ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ قال قتادة ~: ذُكِرَ لنا أن رجلُا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، قُحط المطر وقَنَط الناس؟ فقال عمرُ رضي الله عنه: مُطرتم، ثم قرأ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾. قال الإمام البغوي ~: قوله:” وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ” أي: يبسط مطره، فالمطر رحمة من رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما. قال سبحانه: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وحث إمام وخطيب المسجد الحرام بالإكثار من الدّعاء بُكْرة وعَشِيّة، تنكشف عنكم كل مصيبة وبلية، واجْعَلُو الدعاء ديدنكم وهِجِّيراكُم، ودأبكم ومأواكم، تُغَاثُوا وتَنْعَمُوا، وتَتَقَشّعْ بلواكم وتَغْنَمُوا، مع تحقق الأسباب والدوافع، وانتفاء العوائق والموانع.
وبين الشيخ السديس أنه كانَ هديُ النبي صلى الله عليه وسلم بعد الاستغاثة والاستسقاء تحويلَ الرداء، فاقتفوا هديه بالاقتداء والاهتداء، تفاؤلاً أن يحول الله حالكم من الضِّيق والعناء، إلى الخصب والهناء والإمْرَاع والرخاء.
وفي المدينة المنورة أدَّى جموع المصلين صلاة الاستسقاء بالمسجد النبوي الشريف يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، تأسياً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حين انقطاع المطر وأم المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ أحمد بن طالب.
وعقب الصلاة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف المسلمين بتقوى الله قال جل من قائل ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )) .
وبيَّن آل طالب أن من رحمة الله بالناس أن بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم يعلمهم كيف يسألون الله وكيف يستغيثونه ويستسقونه.
وقال فضيلته: “إن مما علمنا محمد صلى الله عليه وسلم أن الراحمون يرحمهم من في السماء ففي الحديث عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ، ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ» وأنه بهذه الرحمة التي بين الناس يرحمهم الله تعالى”.
ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الله تعالى أن ينزل الغيث غيثاً ينفع به البلاد والعباد، مضيفاً “الاستغفار من موجبات الرحمة قال تعالى ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)).
وسأل الشيخ آل طالب الله تعالى بأن ينزل الغيث على البلاد والعباد.
وفي منطقة الرياض أدَّى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة، صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله.
وأمَّ المصلين عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي استهل خطبته بالحمد والثناء على الله – عز وجل – والتأكيد على أسوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الاستسقاء وإحياء سنته.
وأوصى في خطبته بتقوى الله حق التقوى واجتناب المعاصي ولزام الاستغفار وإخلاص الدعاء والتضرّع والإنابة والافتقار إليه سبحانه وتعالى.
وأدى الصلاة مع سموه سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ومعالي وكيل إمارة منطقة الرياض الدكتور فيصل بن عبدالعزيز السديري، وعددٌ من المسؤولين وجمعٌ من المواطنين.
وفي منطقة القصيم أدّى جموع المصلين صلاة الاستسقاء، بجامع الأمير عبدالإله في حي الصفراء بمدينة بريدة، يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم.
وأمّ المصلين الشيخ جابر الناصر، الذي أكد في خطبته ضرورة المطر وأنه من رحمة الله بعباده التي ينزلها عليهم، مفيداً أن صلاة الاستسقاء تأتي اتباعاً لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر، داعياً المصلين إلى كثرة الاستغفار والإنابة وتجديد التوبة، خاتماً خطبته بدعائه الذي اقتبسه من سورة الأعراف {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، ثم شرع في دعائه ورجائه من الله طلب السقيا من المطر النافع غير الضار الذي يسقي به البلاد والعباد والحاضر والباد.
والعباد والحاضر والباد.
وأدى جموع المصلين في منطقة حائل صلاة الاستسقاء، يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل في جامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله -.
وأمّ المصلين الشيخ صلاح العريفي الذي حمد الله وأثنى عليه، مؤكداً في خطبته أن صلاة الاستسقاء تأتي اتباعاً لسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر ، وتأسياً بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في إقامة سننه, والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، داعياً المصلين إلى الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا وبذل الصدقة والإحسان، حاثاً على أهمية الحفاظ على هذه النعمة العظيمة والشكر الدائم لله عليها وعلى كل النعم، والاستغفار من كل الذنوب.
وفي منطقة تبوك تقدم صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود بن عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة تبوك، الجموع في صلاة الاستسقاء بجامع الوالدين بمدينة تبوك.
وأمّ المصلين مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمنطقة عبدالعزيز بن صالح الشمري، الذي استهلّ خطبته بحمد الله والثناء عليه، وقال :” إنْ كُنَّا نَرْجُو أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ أَحْوَالَنَا وَأَحْوَالَ بِلَادِنَا مِنْ جَدْبٍ وَقِلَّةِ مَاءٍ وَمَرْعَى : فَعَلَيْنَا أَنْ نُغَيْرَ حَالَنَا بِصِدْقِ التَّوْبَةِ إِلَيْهِ، وَالإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَالبُعْدِ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ يُغْضِبُهُ، وَأَنْ يُحَاسِبَ المَرْءُ نَفْسَهُ أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبًا فِي مَنْعِ القَطْرِ عَنِ العِبَادِ وَالبِلَادِ وَالبَهَائِمِ، تالياً قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ).
المشاهدات : 218
التعليقات: 0