سريان الأحداث في العقل البشري لابد أن يُحدث ندوبا تتوقف عندها الفكر؛ فمن عابرة ملجَمة، وأخرى متأنية مشاكسة، وثالثة عاثرة متألمة.
فالعابرة والعاثرة تكتويان بويلاتهما الجماجم والصدور، وتبقى وصمة نكوص فكري تتأفف من أسنها الأنفس السليمة والمجتمعات المتطلعة للرقي والحضارة، وتحدث ضجيجا في أوعيتها الفولاذية الفارغة (أعني تلك الجماجم الموصدة الإحكام على ماترى).
ولا ينفع الفكر الفردي والجمعي ويحدث التحول العلمي والثقافي مثل تلك الفكرة المتأنية المشاكسة،فهي تثير الجدل حول تلك الندوب وتستوقف كل الأفكار، ولربما استنهظت العابر والعاثر من الأفكار لتحتشد معها أو ضدها فتكوّن ظاهرة فكرية ستحول _ بلاشك _ مسارات الأفكار وستثري العقل البشري واسع الفضاءات.
وأصحاب الفكر الفريدة والغريبة أظهر دليل على ما أذهب إليه.
فلنتأمل تغلب البشرية على الظلام .
فكم من فكرة عبرت الظلام الحالك صامتة مُلجِمةٌ لسان عقلها، وأخرى تعثرت به ولعنته ليل نهار، ولم تهتد لإشعال شمعة واحدة لانشغالها بألم الظلام وكآبته المنبثق من كآبتها.
بينما تلك الفكرة التي قفزت في رأس أديسون وشاكست وحشدت كل الأفكار حتى بددت الظلام وأطلقت للفكر حقولا لاحصر لها.
فلا تحبسوا عقولكم خلف قضبان أفكار عابرة ملجمَة أو أخرى عاثرة متألمة.
بل افتحوا ساحة واسعة في عقولكم لأفكاركم المشاكسة، استمعوا لها جيدا، لاتلجموها، لاتسفهوا طموحها، لاتحدٌوا من إشعاعاتها.
لنكن بناة مجد واثق الخطوات جريء في مشاكساته الفكرية.