أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي؛ المسلمين، بتقوى الله -عزَّ وجلَّ- قائلاً: اتقوا الله تسعدوا، وتوسطوا في الأمور تفلحوا، واعتصموا بوصية الله في كتابه، الهادية إلى جنانه ورضوانه.
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام، أن الاعتدال والتوازن، سمة ظاهرة في الكون، قال سبحانه: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾، ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾، حيث أثنى الله تعالى عليها في كتابه، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾، فهي وسطٌ في كل الأمور، الدينية والدنيوية، فلا غلو ولا تقصير، ولا إفراط ولا تفريط، وما من شعيرة من شعائر الدين، إلا وهي موصوفة بالاعتدال والوسطية.
وأكَّد أن التوازن في الحياة، والتوفيق بين الحقوق والواجبات، من أهم المهمات، فيكون المرء مُتَّزِنًا فِي عباداته ومعاملاته، لا يطغى عليه أمرٌ على حساب غيره، ولا يقدّم المهم على الأهم، ولا المفضول على الفاضل، وهو المنهج الذي كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه الكرام، فالاعتدال هو الاعتصام بحبل الله المتين، والسير على صراطه المستقيم.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: إذا أدّى العبد حق ربه، انتظمت حياته، وأعانه الله على أداء باقي حقوقه، ومن ذلك حق نفسه عليه، من متطلَّباتها الروحيَّة، وحاجاتها الجسديَّة، والشريعة إنما جاءت باليُسر والسَّماحة، والمسايرة للفطرة.
وأردف الشيخ الدكتور المعيقلي؛ يقول جعل اللهُ تعالى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، القدوةَ في تطبيق المنهج الوسطي القويم، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحرص على التيسير، ويحث أصحابه عليه، وما خُيّر بين أمرَيْن إلا اختار أيسرهما، وخير الأعمال أدومُها وإن قلَّ، والمنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى، وكان -عليه الصلاة والسلام-، يتخوّل أصحابه بالموعظة في الأيَّام؛ كراهة السَّآمة عليْهم؛ لأنَّ السَّآمة والملل، يُفْضِيان إلى النُّفور والضَّجر، والقلوب تمل كما تمل الأبدان.
وبيَّن أن المؤمن وسط في طلبه للدنيا، لا يغالي في طلبها وتحصيلها، ولا ينقطع عن بذل أسباب الرزق الحلال، والعيش الهنيء فيها، والتمتع بما أباح الله له، من غير إسرافٍ ولا مخيلة، وأكّد الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي؛ أن منهج الشريعة، قائمٌ على أصول كلية، وقواعد عامة، توجّه الناس إلى الاعتدال والتوسط، والرحمة واليُسر، والقصد والرفق، والرعاية للمصالح الدينية والدنيوية، والروحية والبدنية، مما يدعو الناس إلى تجنُّب الزيغ والضلال، والتهاون والانحلال، والإفراط والتفريط، في جميع أمور الحياة.
وأشار إلى أن تنظيم الوقت وترتيب الأولويات والمهمات، المعين -بعد توفيق الله-، على تحمُّل المسؤولية، ففي الصحيحَيْن: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، -وذكر منهم-: والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ، وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ))، ورعاية الرجل لأهله، تكون بكل ما يُصلح دينهم ودنياهم، وما يحقّق لهم النجاح في الدنيا، والفلاح في الآخرة.