تتقدم الدول وتزدهر عندما تكون مهتمة بتقديم التعليم الجيد لأبنائها حيث لا يمكن تحقيق التميز والتقدم إلا بتعليم يساير هذه التغيرات، والتطورات السريعة ويستثمرها من أجل أن يلبي ويحقق الآمال والطموحات والتطلعات لهذه المجتمعات؛ لأن مستقبل الأجيال القادمة يعتمد بشكل رئيس على نوعية التعليم المقدم لهم.
وتنفق حكومتنا الرشيدة على تطوير تعليم أبنائها ما يقارب من ربع ميزانيتها؛ إدراكاً منها بأهميته، وكونه الاستثمار الأكبر مردوداً على المجتمع، ولقد جرت وتجري اليوم عدة محاولات لتطوير المناهج في التعليم العام وفق أسس ومبادئ تنطلق منها وتصاغ وفقها، لذا اهتمت وزارة التعليم بتضمين المناهج الحديثة استراتيجيات، وطرائق تدريسية تقوم على فكرة المشاركة النشطة، وإيجابية المتعلم في الموقف التعليمي، واعتماده على ذاته في الحصول على المعلومات، وتنمية القدرة على التفكير والبحث والتعليم حتى الإتقان، والقدرة على حل المشكلات، واكتساب المهارات، وتكوين القيم والاتجاهات.
ولوزارة التعليم في المملكة العربية السعودية جهوداً مميزة في هذا الجانب، حيث تضمنت الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام في أحد أهدافها تحسين المناهج واستراتيجيات التدريس بما ينعكس إيجابياً على تعلم المتعلمين، وذلك من خلال تطوير أداء المعلمين، ودعمهم لتكوين خبرات أصيلة في تدريس المناهج المدرسية، وتأسيس فرق التعلم المهني؛ ليتمكن المعلمون من تبادل الخبرات، والتحسين المستمر لممارساتهم بمايتوافق مع المناهج المطورة (وزارة التعليم،2012م،47).
ويعد المنهج عنصراً مهماً في العملية التعليمية؛ حيث من خلاله يتحقق كثير من الأهداف والنتائج، والعناية به أحد أولويات التطوير والتجديد والتجويد لدى وزارة التعليم والجهات المشرفة عليه، لذا أصبح من الضروري أن يرتقي بالمنهج المدرسي تطويراً وتحسينا ليصل إلى أعلى مستويات التحديث والتطوير؛ ليسهم في تحقيق أهداف وغايات عملية التعليم والتعلم.
ولهذا فإن تطوبر المناهج له أهمية كبرى، لأنه تطوير في بناء وإعداد إنسان المستقبل ورجل الغد ومتى طورنا هذا الإنسان فإنه يصبح بدوره قادراً على الإمساك بدفة التطوير في مجالات الحياة(العامر1429هـ).
وقد جاء في برامج تحقيق رؤية 2030 أهدف تسعى الرؤية لتحقيقها كتعزيز قيم الوسطية والتسامح والعناية باللغة العربية وتحسين مخرجات التعليم الأساسية والمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل والتوسع في التدريب المهني وتعزيز ودعم ثقافة الابتكار لذا بات من الضروري أن تطور المناهج لتكون متوافقة ومتماشية مع رؤية الوطن ون أجل مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
إن مايجب أن تكون عليه المناهج أن تتوافق توقعات المناهج وقدرات المتعلمين، فالمناهج الطموحة والمفرطة في التوقعات اليوم تحد من قدرات المعلمين على مساعدة الطلاب على التقدم أوالسير بشكل جيد في عملية التعليم وهو ماينشأ عنه تعثر أو رسوب أوتسرب دراسي وعلى الرغم من الجهود الواضحة والملموسة من وزارة التعليم في تحديث المناهج وتطويرها إلا أن المتأمل فيها يجد أنها لازالت تزخر بالجوانب النظرية على حساب الجوانب العملية التطبيقية كما أن بناءها بهذا الشكل يجذر في نفوس المعلمين أن التعليم الذي يناسب والمحتوى الهائل يجب أن يكون تلقينياً وهو مايتعارض مع التوجهات الحديثة في عمليتي التعليم والتعلم.
وبمرور الوقت ونتيجة لمجموعة من العوامل والاسباب تصبح المناهج القائمة في حاجة إلى تطوير وقد يكون من دواعيه سوء وقصور المناهج الحالية أوالتغيرات التي طرات على المتعلم والبيئة والمجتمع والاتجاهات العالمية والمعرفة والعلوم التربوية وقد يحدث التطوير نتيجة التنبؤ بحاجات واتجاهات الفرد والمجتمع أو بالمقارنة بأنظمة أكثر تقدماً.(الوكيل والمفتي،2016م)
وقد ذكر( الحسين ،1438هـ) أن من أهم ملامح التطور في المناهج والكتب الدراسية ككل في المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر ما يلي:
1. دمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي في وزارة واحدة هي وزارة التعليم بقرار ملكي كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظة الله.
2. مواءمة الكتب الدراسية لتكون صالحة للبنين والبنات بدلاً من الكتب السابقة حيث كانت هناك كتب للبنين وأخرى للبنات.
3. أصبح لكل مادة من المواد كتاب للمتعلم وكتاب للنشاط ودليل للمعلم تسير جنباً إلى جنب لتؤدي النتائج المتوقعة منها.
4. تفعيل استخدام التقنية وربطها بالكتب الدراسية ودمجها في عملية التعليم والتعلم وهي بذلك مناهج رقمية، كما أنها تركز على تفعيل دور الوسائل التعليمية بشكل أكبر أثناء التدريس، واستخدام طرائق تدريسية واستراتيجيات حديثة.
5. الميل لجعل المتعلم هو محور العملية التعليمية والتربوية حيث تركز الكتب الدراسية على التعلم الذاتي وتنمية مهارات التفكير المختلفة كالتفكير الناقد والإبداعي وحل المشكلات.
6. تركز الكتب الدراسية على المهارات الأدائية من خلال العمل والممارسة الفعلية للأنشطة، وربط المعلومات والتعلم بالحياة الواقعية.
7. تحقيق التكامل والترابط بين المواد الدراسية رأسياً وأفقياً، حيث تم دمج بعض المواد كاللغة العربية بفروعها المختلفة، القواعد، والنصوص الأدبية والإملاء الإنشاء أو التعبير والخط في مادة واحدة، وكتاب يسمى (لغتي الجميلة) في الصفوف الأولية من المرحلة الابتدائية، و (لغتي الخالدة) في المرحلة المتوسطة.
8. دمج مادتي السلوك والفقه في الصفوف الأولية ومادتي الحديث والسيرة في كتاب وكذلك دمج القرآن الكريم والتحويد في الصفوف العليا بالمرحلة الابتدائية، ومادة القرآن الكريم والتفسير في المرحلة المتوسطة ودمج التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية في كتاب واحد وإدخال مادة الحاسب الآلي بالمرحلة المتوسطة.