يشهد العالم اليوم مجموعة من التغيرات السريعة والتحولات الكبيرة في شتى مجالات الحياة، الأمر الذي أصبح يتطلب التكيف مع هذه التغيرات المتلاحقة والمستمرة، وفي ظل تلك التغيرات يبرز دور المؤسسات التربوية وأهميتها في مواكبة هذه التحولات المتسارعة من خلال التعاطي مع المستجدات بما يضمن بقائها واستمرارها.
يعتبر التعليم الركيزة الأولى لبناء الوطن حيث أن أول ما تقوم به الدول في عملية البناء هو الاهتمام بتعليم أفراد المجتمع والاستثمار بأفراده من خلال التعليم والاهتمام بجودة التعليم ومخرجاته.
هذا ويعد المعلم أحد الأركان الرئيسية في العملية التربوية فالنتاجات التعليمية تعتمد على كفاءة وقدرة المعلم التدريسية واستعداده، بل إن نجاحها أو فشلها يتوقف إلى حد بعيد على مدى كفاءته.
وعلى الرغم من كل التطورات العلمية والتكنولوجية التي نعيشها إلا أن المعلم لا يزال هو السبيل إلى إنجاح عملية تنفيذ المنهج . وهذا يؤكد بالضرورة الدور الكبير المنوط بالمعلم في تطوير العملية التعليمية، باعتباره المحرك الأساسي لها في صورتها الواقعية، والمسؤول الرئيس عن نقل الخطط إلى مرحلة التنفيذ.
وأشار (سعادة، إبراهيم،2016) إلى أنه مهما سعى مخططو المناهج من جهد في تخطيط المنهج وتنظيمه إلا أن كل هذه الجهود تذهب سدى إذا ما تم تنفيذ هذا المنهج على يد معلم غير مؤهل أكاديمياً أو تربوياً؛ حيث أنه سيلجأ إلى اختيار المفاهيم والتعميمات، والنظريات البسيطة و يبتعد عن الأنواع الصعبة بحكم جهله و عدم مقدرته على توضيحها. بالإضافة إلى الجوانب الشخصية للمعلم؛ فكلما كانت شخصية المعلم ضعيفة كلما فشلت إدارته للصف بشكل تربوي سليم مما يؤثر سلبا على تخطيط المنهج المدرسي وتنفيذه.
فينبغي أن يكون المعلم قادر على التعرف على مدى ملاءمة المنهج للتلاميذ, ومن ثم يكون هو القادر على بيان علاقة المنهج المخطط بالمنهج المنفذ, ونقصد بذلك هل ما تم تخطيطه حقق ما وضع له من أهداف لأن المنهج المخطط ليس بالضرورة أن يكون هو المنهج المنفذ , وبالتالي فإن ما خطط قد يحقق نتائج متباينة, وهذا يتوقف بطبيعة الحال على عوامل كثير من بينها المعلم ومستوى إعداده وثقافته واتجاهه نحو المهنة, كما يتوقف علي الظروف المحيطة والإمكانات المتاحة والخبرات السابقة للدارسين والمواد التعليمية المتاحة، وغيرها من العوامل التي من شأنها أن تحدث فروقا في مستويات الفاعلية. ولذلك فهو مطالب بالملاحظة والمناقشة والتسجيل والتساؤل والدراسة واتخاذ قرارات بشأن المنهج الجاري في الميدان، لأن ما يجمعه المعلم من بيانات ومعلومات في هذا الشأن هو في الحقيقة من أهم المصادر اللازمة في عملية تخطيط وتطوير وتقويم المنهج، وهذه البيانات على قدر موضوعيتها وشمولها وتكاملها علي قدر ما تكون سلامة القرار الذي يطالب به الخبير لتحديد المواضع التي يجب أن يتم فيها فعل التطوير ، والمعلم في هذا الشأن ليس مجرد ملاحظ أو مراقب ولكنه خبير يعمل في الميدان، وهو مطالب بالتعمق والتحليل والكشف والمراقبة والتأكد ما إذا كان المنهج يناسب جميع التلاميذ أم أنه لا يناسب البعض ويناسب البعض الأخر، وهل الخبرات الواردة به مناسبة لما يوجد من فروق فردية بين التلاميذ أم لا، وهل تتوافر فيه جوانب التعلم الأساسية التي تتفق مع أهداف المنهج أم لا ؟
وعندما يصل إلى قرارات بشأن عيوب المنهج الذي يقوم بتنفيذه يجب أن تتاح له الفرص لمناقشة ذلك مع زملائه من المعلمين والموجهين وكل المعنيين بأمر المنهج وكذلك يجب أن يشارك المعلم أيضا في مراحل اختيار المحتوى وتنظيمه وإعداد المواد التعليمية والأنشطة، وكذلك كل ما يتعلق باستراتيجيات التدريس وأساليب التقويم، فهو خبير بمثل هذه المسائل من واقع الخبرة والممارسة، ولذلك فإن رأي المعلم في هذا الشأن لا يمكن التقليل من شأنه أو قيمته.
وفي ضوء ما سبق يتبين أن المعلم هو العامل الحاسم في مدى نجاح المنهج أو فشله ، وهذا يؤكد وجهة النظر في موضوع تقويم المنهج وتطويره، والتي تشير إلي أنه حجر الزاوية في عمليات المنهج تخطيطا وبناء وتطويرا ومتابعة، ومن هنا جاء الاهتمام العالمي بالمعلمين وتدريبهم من خلال الجامعات و في أثناء الخدمة من أجل المزيد من الكفاءات ومن أجل مشاركة أكثر في عمليات المنهج و ليواكب التطورات المتسارعة في العملية التربوية.
وعلى الصعيد المحلي، سعت المملكة من خلال رؤية 2030 لتغير شامل للتعليم وبناء على ذلك ركزت الرؤية في التعليم على بناء فلسفة المناهج وسياساتها، وأهدافها، وسبل تطويرها، وآلية تفعيلها، والارتقاء بطرق التدريس التي تجعل المتعلم هو المحور وليس المعلم، والتركيز على بناء المهارات وصقل الشخصية وزرع الثقة وبناء روح الإبداع وتحسين استقطاب المعلمين وتأهيلهم وتطويرهم. (وثيقة الرؤية،2016)