الإنسان من المخلوقات التي ترتكب الأخطاء باستمرار، إما أن تعيد ارتكاب نفس أخطائها القديمة بطرق مختلفة، أو تقوم بممارسة أخطاء جديدة ومبتكرة تتوافق مع مستجدات السلوكيات الجديدة، إن كان هناك من جديد.
الملفت أن مع كل أشكال هذه الأخطاء فالإنسان من النادر أن يعترف بها، وينفيها في الغالب، وإن اعترف بحدوثها فإنه سيجد عشرات الأعذار والمبررات التي تنفي مسؤوليته المباشرة عنها، هذه المسؤولية التي يرميها على كل شيء حوله «الظروف والحظ والآخرين… إلخ» إلا نفسه.
ولو تتبعنا هذا السلوك لوجدنا أن الحظ هو أكثر الشماعات التي يحمل عليها الإنسان تبعات قراراته الخاطئة، فالحظ هنا يمثل جميع الظروف الخارجية مجتمعة التي تبرئ عقل الإنسان من الخطأ وتلقيه على الآخر الذي يترصّد له وهو الحظ، ومن هنا نجد أن الحظ استمر لآلاف السنين عدوا دائما للإنسان، عدوا مفيدا يجعله يرتكب الخطأ ويبقى مع ذلك معتدا بعقله ومزهوا به كل مرة، يزداد إيمانا وقناعة بقدرات عقله الرائعة والفريدة التي يتفوق بها على أقرانه، التي لولا وجود الحظ السيئ لحققت له نجاحات غير مسبوقة.
بهذه الكيفية من القناعات لطالما عاش البشر وما زالوا يعيشون، فإيمانهم المطلق بعقولهم هو من يدفعهم لمواجهة الحياة والاستمرار في مجابهتها بإصرار، في الوقت الذي تبقى حظوظهم هي الصديق المجهول الدائم الذي يتلبّس ثوب العدو ليحمل الأسى وتبعات الأخطاء التي هي أساس حياتهم.
ما أغرب هذا الإنسان، وما أغرب الحيل الصغيرة المضللة التي يخترعها أمام نفسه ليعيش ولتستمر حياته بذات الألق الذي تتزاوج فيه الأوهام بالحقائق بشكل عجيب.
المشاهدات : 2062
التعليقات: 0