كنت ذات مرة أحتسي قهوتي في أحد “الكوفيهات” منشغلًا بكتابٍ بين يديَّ، وإذ نقاش حاد يستوقفني ويخرجني مما كنت فيه استمتاع بالقهوة والكتاب، شابان أو بالأحرى غلامان؛ انتهيا للتو من مباراة افتراضية كانا يخوضانها عبر “البلايستيشن”، وبالطبع انتهت المباراة بفوز أحدهما، إلى هنا والأمور عادية، لكن المهزوم كيف له أن يقبل النتيجة؟! وكيف له أن يهنئ (صديقه) بالفوز؟! العكس تمامًا هو ما جرى يا سادة، لم يترفع ذلك المهزوم عن إطلاق مجموعة من التهم على الفائز، على مسمع مرتادي المكان ومرآهم، لعلَّ أبرز ما أتذكره وتعجبت له أنه اتهم الحكم الإلكتروني بمحاباة منافسه، وأن ذلك قد بُرمج مسبقًا!!
لم تكن تلك الواقعة من نسج الخيال، بل حقيقة مُرَّة مثلت أمامي، وكنت أحد الشهود على ما جرى فيها، ولم أكن في الوقت نفسه مستغربًا من حال هذين الشابَّين، وكيف أستغرب وكثيرًا من برامجنا الرياضية يتصدَّرها إعلاميون يغرسون بذور العنصرية الرياضية في عقول الشباب- إلا من رحم ربي-؛ حتى وصل الحال ببعضهم إلى أنه يتمنَّى ألا يحقق الفريق المنافس لفريقه لقبًا قاريًّا أو عالميًّا يُضاف إلى إنجازات الوطن الغالي.
وإن الذي يقرر متابعة بعض البرامج وحسابات ثلة من الإعلاميين الذين تشرع لهم القنوات الرياضية أبوابها، لن يخرج في نهاية المشهد بأي نقد بنَّاء يصبُّ في مصلحة فريقه أو رياضة الوطن بشكل عامٍّ، بل سينفجر رأسه من الصراخ، والتشكيك في ذمم الآخرين، وكثيرٌ من المشجعين مُوجَّهين من حيث لا يدرون؛ لذلك باستطاعة أي شخص أن يُوهمهم أنه إعلامي مخلص، ينافح عن فريقهم الذي يتعرَّض لهجمات من أقلام متعصبة ومؤامرات تُحاك ضده! وبذلك يكون قد واكب أفكارهم ودغدغ مشاعرهم، وطوَّعهم جنودًا يدافعون عنه؛ ليجني هو المال من توهُّج حسابه، وهم لا يجنون سوى الضغط وانفلات الأعصاب، وربما يدفعهم ذلك إلى الدخول في خلافات مع أقرب الأقربين!!
وفي ظلِّ الدعم اللامحدود الذي تناله الرياضة في بلادنا، لا سيما كرة القدم، أؤكد أنه ينبغي لوزارة الإعلام التصدي لهؤلاء الذين أقحموا أنفسهم في مهنة لا يمتلكون أدنى مقوِّماتها، وليس لديهم أساسيات النقد الهادف، وعلى كل نادٍ أن يبادر بإرسال خطاب منع لكل شخص يزجُّ باسم النادي في أمور لا تخدم الفريق فعليًّا، ولا تجلب له سوى الكراهية والبغضاء من جماهير الأندية الأخرى.