يعتبر الفقد من أصعب المواقف الإنسانية التي قد تمر على البشر حين يغادر أحدهم إلى الدار الباقية تاركاً خلفه أهله وذويه وسيرته وذكرياتهم معه، وقد فجع الوسط الإعلامي السعودي يوم الجمعة الماضية بوفاة رئيس تحرير جريدة “الرياض” الإعلامي المميز فهد العبد الكريم بعد معاناة مع المرض استمرت ما قد يزيد على الثلاث سنوات، وقد انتشر خبر وفاته وتداوله أهم الشخصيات في المملكة العربية السعودية بشكل كبير جداً حتى وصل الخبر للترند على منصات التواصل الاجتماعي.
إن العبد الكريم أنموذج للمهني الإعلامي العصامي الذي بنى نفسه بنفسه، وذلك منذ تخرجه من الجامعة حتى وصوله إلى أعلى منصب في جريدة “الرياض”، التي تعد من أهم الصحف السعودية اليومية. فقد بدأ محرراً صحفياً فور تخرجه من الجامعة “كلية الإعلام” من مدينة الرياض في إحدى الصحف المحلية، وعرف ببراعته الصحفية في التحرير، وأظهر إبداعاً في أعماله التي يكتبها ويحررها، وقد تدرج في المناصب الصحفية في تاريخ صحفي مشرف امتد إلى أكثر من ثلاثة عقود حتى أصبح رئيس تحرير جريدة “الرياض” في فترة صعبة تمر على الصحافة السعودية الورقية، وقد أمسك بزمام الأمور بكل حكمة واقتدار.
إن الراحل العبد الكريم من أولئك الذين عشقوا الإعلام، فكان عملهم بكل شغف فأخلصوا له وقد خاض كثيراً من التجارب الصحفية، ومارسها بكل اقتدار ومهنية وحرفية، وحين نقول إنه إعلامي مبدع أو مميز فهذا يرتبط مع تاريخ مهني محترف على مدى السنوات الطويلة التي كان في عمق المكان والزمان والعمل بخبرة ومهنية طويلة.
يشهد الجميع ممن زاملوا وتعاملوا مع الراحل العبدالكريم على صفات مشتركة يتمتع بها، فقد أشادوا بتمتعه بالقلب الكبير الذي يتسع للجميع، فهو أب وأخ وصديق لكل من تعامل معه، وإضافة إلى التواضع الجم والروح الشفافة التي تشع حيوية ولطفه وبشاشته، ويغطيها نور من التفاؤل يحاكي كل أفعاله، وقد كتب أصدقاؤه وزملاؤه في المهنة عنه بكل جميل الخصال والمعاني التي قد تكتب أو تقال عن رفيق درب، ولقد كتب معالي وزير الإعلام المكلف تغريدة رثاء عن الراحل العبدالكريم، كما كتب قادة الإعلام في المملكة عن الراحل، وكان ذلك لفتة جميلة عرفاناً وامتناناً للراحل.
عرفت الراحل فهد العبدالكريم من خلال عدد قليل من المكالمات الهاتفية، كان فيها دمث الأخلاق، تسيطر عليه روح الأخوة، التي يتعامل بها بكل رقي وأدب من خلال كلماته وتوجيهاته وإرشاداته، ولن أنسى كلمته الشهيرة لي حين قال: تنتقد مها الوابل الخطأ من أجل التصحيح بكل أناقة، وقد كانت كلماته هذه وسام شرف أتقلده من قامة إعلامية وطنية بكل فخر.
يذهب الجسد ويبقى جميل العمل الذي رافق الراحل العبدالكريم في مدرسته الإعلامية التي نفتخر بها وسيكتبها التاريخ في أجمل صفحاته.
المشاهدات : 3359
التعليقات: 0