الفلسفة هي معرفة مالا ترى والعلم تحليل أو اثبات ما دعا به الفيلسوف أنه رأى! إننا نعيش اليوم أزمة فكر، فـالعقل لدينا أصبح يرضخ لفكرة ويحولها من مجرد فكرة إلى مُسلمات ثابتة حتى أضحت الكثير من الأفكار التي تُطرح اليوم تحاك بِعباءة لتكون سهلة الوصول إلى العقل فمثلاً دائماً ما يستخدم الدين لأهداف لا تمتُ إليه بصلة فيصبح العقل مجرد أداة لاستقبال ما يُملى عليه دون النظر إلى فَحْوى ما يراد من هذه الفكرة.
إن العقل لدينا أصابه الكثير من التَبلدْ الذي جعلنا نتقوقع فكرياً على أنفسنا ومجتمعنا حتى تقدمت الشعوب وبقينا نحنُ في مهاترات وأفكار أصبحت هي الشغل الشاغل لنا .
حتى إن الفكر لدينا أصبح يفتقدُ للإبداع فتولد لدينا هاجس دراسة بعض من التخصصات التي أصبح في ذهننا أنها هي التي ستقودنا إلى آفاق مزدهرة وتفتح أبواب العالم لنا ولكننا غفلنا بأنها لا تقود الأمة لأي نتاجٍ فكري كالعلوم الإنسانية التي غابت غياباً مُضني ولم نعد نلمس
ذاك الاهتمام الذي كان يولى لها في السابق مع أنها هي من تنتجُ “الفكر والفلسفة “.
فأصبحنا اليوم نريد البدء من نهاية ما وصلت إليه العقول المتقدمة دون وجود أُسس تبنى عليها هذه الأفكار.
إن الفكر اليوم أصبح حتى يفتقدُ إلى العقول التي تغذيه وتخرجه من هذه القوقعة التي هو فيها، فمحمود العقاد ونجيب محفوظ وطه حسين وغازي القصيبي وعبدالوهاب المسيري وعلي الوردي وغيرهم أنتجُ نتاجاً فكرياً ثقافياً أدبياً أنار إلينا شيء من الأمل للخروج من هذا الجفاء الفكري الذي نحنُ فيه، وعندما رحلوا تركوا فراغاً شاسعاً لم يملؤه أحد من بعدهم، فحتى لغة الضاد بدأت تكون شحيحة واقترب مخزوننا الأدبي من الجفاف!
ولو ذهبنا قليلاً أبعد من الفلسفة والفكر لوجدنا
أن هنالك لدينا عادة غريبة ستُحدث خلل لدى الأجيال القادمة ،فالطفل أصبح يُعلم من تنشئته ونعومة أظافره لغةً غير لغته الأم ، فَيصلُ لمرحلة متقدمة من عمره ليكتشف فيما بعد جهله بلغته والخطأ الجسيم الذي وُقع عليه !.
واليوم ومع رؤية المملكة والاهتمام الذي نراه بالجانب الثقافي والبيئة الخصبة التي نشاهدها في وطننا من تنوع ثقافي تراثي أدبي، أتت الرؤية هنا لتعطينا بريقاً من الأمل في أن تنتشلهُ من هذه الدوامة والمتاهةِ التي نسير بها.
فهل سنرى ضوءًا في آخر هذا الطريق؟
المشاهدات : 3854
1 تعليق
كلام جميل الصراحة ويدعو للتفكير…