لبنان الجمال والثقافة والأدب والفنون على مدى عصور من الزمن ها هو يبكي بل أكثر من ذلك أنه ينتفض ويفور ويزبد ويحترق بسبب أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية متراكمة أسبابها يعرفها اللبنانيون قبل غيرهم، ويشهد عليها العالم أجمع.. والحادثة الأخيرة وهي تفجير مخازن مواد قابلة للاشتعال وتسببت في كارثة إنسانية ومادية زادت من أوضاع لبنان الصعبة، ونختصر كل ما يحدث في كلمة واحدة وهي الفساد الذي يسري في كل مفاصل الدولة مسبباً لها الشلل والتراجع وفقدان ذلك الوهج والجمال.
إن هذا البلد الصغير الذي عاش صراعات وحروباً أهلية وطائفية وعانى من تشتت أبنائه في كل بلاد العالم يعاني من مشكلة كبيرة جداً وهي أن الفساد أصبح مستشرياً حيث يحكي اللبنانيون عن فساد السياسيين وفساد المسؤولين وفساد الأحزاب، وقد قامت قبل أشهر تظاهرات شعبية كبيرة تطالب الجميع بالتنحي وبدء حقبة سياسية وطنية جديدة، وخرج المواطنون تحت حملة كبيرة بعنوان “كلن يعني كلن” رمزاً إلى أن الجميع ممن يتولى القيادة يجب أن يتركوا مناصبهم وكراسيهم.
لبنان الذي يخرج في كل مرة من رحم الحروب ليهدي للعالم الجمال والفن والثقافة نراه هذه المرة يغلي في رفض لكل أشكال الفساد المستشري في البلاد ويطالب الشعب من الساسة تحملهم المسؤولية وترك مقاعد الحكم، والمنظر الأسوأ في بحث الشعب إلى الخلاص هو توقيع ما لا يقل عن 40 ألف لبناني على وثيقة سلمت إلى الرئيس الفرنسي حين زيارته لبيروت في أعقاب انفجار مرفأ بيروت ومطالبتهم عودة الانتداب الفرنسي، أي أزمة حقيقة يعانيها هذا الشعب المحب للحياة وأي مأزق هم يعيشون به ولا يرون أن الخلاص إلا بعودة الوصاية عليهم، وقد كانت إجابة الرئيس الفرنسي لهم أن التغيير والحل يأتي من الشعب اللبناني. وهناك من اقترح حماية دولية من أجل نجاة لبنان من الغرق، وقد خرجت أصوات كثيرة وعالية عن يأس هذا الشعب من الحلول الداخلية بسبب أن هناك الدولة مشلولة والحقيقة أن هناك دويلة داخل الدولة.
الحل هو أن تتحمل القيادات مسؤولياتها الوطنية وتستقيل وهذا ما ينادي به اللبنانيون أنفسهم. إن لبنان رغم كل ما مر به لكن لم نعتد أنها تبكي.. تحزن.. تتألم لكن هذا حالها اليوم، فالمشكلات تزداد والصعوبات تكثر، وليس أمام شعبها سوى الوحدة الوطنية والالتفاف الشعبي من أجل التغيير فمنهم يأتي ولهم يجب أن يحدث.
إن الأوطان لا تبنى إلا بأيدي أبنائها والمشكلات لا تحل إلا من الداخل.. وعلى مدى التاريخ شهد العالم حروباً وصراعات وأزمات ومشكلات وفي كل مرة لم يكن للمحتل أو المنتدب يد صالحة في الأرض التي يستوطنها.. ومهما كان حجم الخسائر فأبناء الوطن هم أدرى بمصالحهم وطرق حل المشكلات والتعامل مع الأزمات والكوارث.
المشاهدات : 1310
التعليقات: 0