رائحة لا يتذوقها إلا من عاش بين أرفف المكتبات صغيرًا، ونشأ يرى ويسمع ويشم تلك التفاصيل بكل حواسه.
إنها(عبق الكتب)
مكتبة صغيرة، حوت كثيرًا من المجلدات الضخمة، كنت سفيرة لوالدي عندما يحتاج منها كتابًا، كان يرسلني ليس من أجل أن أحضر له كتابًا فقط؛ بل ليعلمني أن أتهجى عناوين الكتب، وكان يكافئني عندما أقرأ العنوان وأحضره له، أشعر حينها بعظمة الإنجاز، وبالتأكيد أن والديرحمه اللهيشاركني ذلك.
لم يزل في ذاكرتي كتاب(موارد الظمآن)للشيخ عبدالعزيز السلمان.
ولأن الطفولة أحيانًا يعتريها بعض الشغب، كنت أحيانًا أحضر الكتب دون أن أقرأ العنوان، وطالما كان والدي رحمه الله
يعيدني مرارًا وتكرارًا، ثم ما تلبث تلك الطفلة المشاكسة لذلك المحب الأول
أن تنصاع للأمر وتتقن القراءة على مهل، وتحضر المراد..
أيام خلت ومازالت في زاوية مشرقة من الذاكرة، لا ولن أسمح لغبار الألم أن يزيلها، بل أحرص مرارًا على تنظيفها، وإعادة إشراقتها..
عبق الكتب أيها الكرام ليس مجرد معلومة، إنما معلومات وحكايا مرت ومازالت عبر التاريخ تلهمنا، وتعيد لنا أجمل الذكريات.
عبق الكتب تاريخ وفن، عبق الكتب تراث تتوارثه الأجيل، ومجد تليد لابد أن نحرص عليه في كل زمن، ولأن القراءة وعي، فإن أثرها يمتد عبر العصور، وهو الإرث الحقيقي الذي يجب أن يتنازع عليه طلبة العلم؛ ليكملوا مسيرة المجد في كل زمان ومكان.
الأمة العربية تتميز بتاريخ مجيد، وبتراث ثقافي فاق كل الأمم، وهذا التاريخ لا يمكن بحال من الأحوال إنكاره أو التخلي عنه، ومن أنجح الطرق للحفاظ عليه(قراءته من مصادره الموثوقة)
الكتب هي مصادر العلم والثقافة التي تقدم لنا المعلومة دون عناء، خاصة في هذا العصر.
الكتاب خير جليس وأنيس، كما قال المتنبي:
أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
وهذا آخر يقول:
نعم الأنيس إذا خلوت كتابُ
تلهو به إن خانك الأصحابُ
لا مفشيًا سرًا إذا استودعته
وتُفاد منه حكمة وصوابُ.
ولأننا ندين للكتاب بثقافة عريضة، لسان حالنا له يقول:
مازال سلطان العقول كتابُ
فله تَدين بفضله الألبابُ
القارئ الكريم:
عقلك مع الكتاب مشرق مضيء، وبدونه معتم مستوحش.
وقبل أن تقرأ أيَّ كتاب، عليك بقراءة أعظم كتاب(القرآن الكريم)منهاج حياة، وخير في الدنيا والآخرة.
قال الله عزَّ وجلّ :
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
اقرأ ما شئت من الكتب، ولتكن وسيلتك التي تصل من خلالها لغايتك في الدنيا والآخرة.
المشاهدات : 937
التعليقات: 0