من شرف الكلمة أن تعبر بأروع الحروف عن نبي الرحمة، عليه الصلاة والسلام، ومهما جُندت الأقلامُ، وحُشدت العباراتُ، لن نجد ما يوازي قدره وفضله، عليه من ربي أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ فلا بشر على وجه هذه الأرض يوازي مكانته وفضله على أمته..
(لكن التشبه بالكرام فلاح)
فكيف بالتشبه به عليه الصلاة والسلام.
حقيقة يا كرام:
لأول مرة وأنا أكتب، تتجاذبني المواقف، وتدهشني جوانب السيرة، والتي مهما سطرتها فلن أوفيه ما يجب له من حق علينا(فجزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته)
لا أدري بصراحة:
هل أتحدث عن الرحمة؟ أم عن التواضع وحسن الخلق؟ أم عن الوفاء، والرفق؟ أم عن الفأل الذي يجعلك تبتسم في أحلك الظروف، وأنت تتذكر ما قرأت في سيرته عن تلك المواقف..
أم أتحدث عن جانب الرحمة التي ما بلغها أحد غيره من البشر..
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)
إن مما يؤيد ويؤكد تلك الصفات، والمميزات العظيمة لدى سيد البشر-عليه الصلاة والسلام- ذلك الوحي من الله..
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
قال عنها السعدي في تفسيره:
({ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } حيث حضر الهيجاء بنفسه الكريمة، وباشر موقف الحرب، وهو الشريف الكامل، والبطل الباسل، فكيف تشحون بأنفسكم، عن أمر جاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، بنفسه فيه؟”
فَتأَسَّوْا به في هذا الأمر وغيره.)
وقال تعالى:
{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ }
هنا يقف العقل وقفة توازن يدرك من خلالها أن محمدًا بشر، وأنه المصطفى المختار من رب العزة والجلال، ولأن الدين شرع من الله؛ فلا نزيد على ما أمرنا به الله..
لا نبالغ، ولا نحيد.
هنا نتذكر قوله تعالى:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
لغة الكلام كما رأيت على فمي
خجلى ولولا الحب لم أتكلم
يا مظهر التوحيد حسبي أنني
أحد الشداة الهائمين الحُوّم
ما حيلة الشعراء زاد غناؤهم
رهباً لدى هذا الجمال الأعظم
كل المعاني إن وُصِفتَ تضاءلت
وتحيّرت في كُنهك المتلثم
إن الذي سوّاك في تنزيله
وفّاك وصفاً بالثناء الأكرم
سبقت محبته مجيئك للورى
في عالم الغيب الكبير الأقدم
يا نور يوم وُلدت قامت عزّة
للأرض إذ أمست لنورك تنتمي
الكوكب الأرضيّ حين وطئته
أمسى حصاه يتيه فوق الأنجم
وعلى هدى الأقدار قام محمدٌ
لله فيه سرائر لم تُعلَم
متجرداً من كل جاه ظاهرٍ
وبغير جاه الله لم يستعصم
صلى عليه الله في سبُحاته
ما راح يجمع صحبه بتكتم.
يا من تبحثون عن حياة كريمة، دونكم سيرته عليه الصلاة والسلام..
سيرة عطرة، مليئة بمواقف البذل والعطاء، والجد والمرح في موضعه.
سيرته تغنيكم عن سيرة غيره ممن ينظّرون ولا يطبّقون، سيرته قول وعمل.
يا هذه الدنيا لأحمد فاسلمي
وامشي وراء محمد وكفى به
نوراً يضيء هدىً لكل ميمِم
صلى عليه الله نوراً هادياً
متعبداً في غاره لم يسأم.
وبعد:
كلماتي هذه قطرة في بحر سيرته العطرة، سيرته التي حار عندها البلاغاء، سيرة ممتدة من الوحي، سُطرت فيها المؤلفات، ومازالت، ومازال المجتمع المسلم ينهل منها أروع الصفات.
الكونُ لمّا أن تَكَوّنَ ما اغتنَى
عن وجهِ وضّاءِ السنَا مِرآتِهِ
هو مِن رسولِ اللهِ يَقتبِسُ السنَا
ويَصوغُ معنى النورِ من قَسَماتِهِ
ما أومَضَتْ في الروحِ بارقةُ المنَى
إلا وكانت ومضةً عن ذاتِهِ
ما غاب ها هو حاضرٌ مِلْءَ الدُّنَى
صلَّى عليه اللهُ خيرَ صلاتِهِ