قد يجلس الشخص في مجلس ما لدقائق أو ساعات قليلة، بين مجموعة من أقاربه أو أصدقائه أو حـــتى بين أفراد أسرته فيذكر بعض الكلمات أو يقوم ببعض الأفعال الطيبة فتبقى عالقةً في ذهن من سمــعها أو شــاهدها وربما كــانت أثــرا كريما يبقى متعلقا بسيرة هذا الشخص الذي قام بترك هذا الأثر الطيب.
فما بالنا من شخص عاش حياته معاهدًا نفسه أن يصنع في كل أقواله وأفعاله كل طيِّبٍ جميلٍ ليترك أثرًا طيبًا يحيا بين جميع من عرفه في مجتمعه وأهله وأصدقائه ليس فقط خلال حياته ولكنه يستمر في حياته وبعد موته يقول المولى عز وجل “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ” آية 12 سورة يس
فالإنسان بيده أن يخلد ذكرى تموج بكل معاني الخير الذي ينتفع به الناس، أو يترك كــلمات تحمل دفء النصـــح والإرشــاد الذي يتأثر به من يسمعه أو من يعمل به، بل وربما ترك علمــا يظــل ينتفع به بعـــد ممــاته طيــلة الحياة فهنيئًا لهذا النموذج الإنساني الصالح.
وعلى العكس تماما ربما يترك الشخص ألفاظا وأفعالا تحمل به إلى الهاوية وتبقى معلقةً في موازين أعماله لمـــــــا تحمله من أثرٍ سلبي يضر بسامعه وقارئه وفاعله وللأسف الأيام صحائف إما أن يكتبها كل منا بحسن الكلام وإما أن يكتبها كل منا بسوء الكلام وكل يبقى أثره فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله، وماله، وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله” أخرجه البخاري ومسلم
ولعــل ما حــولنا من نمـــاذج يومية نراها في هذا الشأن كثيرة، فهناك أناس عاشوا بيننا ومعنا في هذه الحياة ومروا بها مـرور الطــيف لا يذكرهم أحد ولا يتذكرهم أحد.
وهناك أناس عاشـــوا بيننا ومعنــا في هذه الحيـــاة ومازالت سيرتهم العطرة وأقوالهم الطيبة وعلمـــهم النافع قائما يذكر باسمهم بيننا فيتذكرهم الجميع، فإن لم تزد شيئًا في هذه الحياة كنت زائدًا عليها، واعلم عزيزي القارئ أن ترك الأثــر الطيب لا يقتصر فقط على من حولك في أسرتك أو عائلتك، ولكنه قد يمتد إلى المجتمع والأمة والعالم أجمع، بل ومن الأجمل أن يعود نفع الأثـــر الطيب على من حولك من الأبناء والأقارب فيذكرونك مفتخرين بما تركت من أثر ينفع النا، وما من أثر طــيب إلا وقـــد قـــــام على تقوى الله عز وجل واحترام المجتمع وتقدير القوانين والعادات والتقاليد قال تعالى “وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا” آية 9 سورة النساء
فكل منا بيده أن يصنع الأثر الطيب الذي يجعل الزمان والمكان يتذكره به، ويجعله في محل فخر وشرف لكل من عرفه، وكل من تعامل معه فعليك أخي القارئ أن تكون منبعا لصناعة الأثر الطيب والعمل الزكي الذي ينمو معك بنمو حياتك ويبقى داعما لك ولسيرتك الطيبة حتى بعد وفاتك
فقط.. اترك لك أثرا طيبا.
المشاهدات : 963
1 تعليق