نعم ربانية تتوالى، تلك هي مواسم الخيرات حينما يدركها المرء ويكون له نصيب منها،
يالها من نعم ويالها من منح، السعيد فيها من تسابق وسبق، والشقي بها من تراجع وافترق..
الحسنات فيها مضاعفة، و الخيرات فيها كثيرة متنوعة.
( عشر يطيب الكون من نفحاتها )
ولفضلها يتسابق العقلاءُ
حتى إذاما أدركوا أوقاتها
أضحى لأعمال الجنان بناءُ
يارب نسألك القبولَ لخيرها
فهو المراد وماسواه هباءُ.
قال تعالى:
{وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ}
قال ابن كثير رحمه الله: “المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس
وابن الزبير ومجاهد وغيرهم”
روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء )
وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) وروى ابن حبان رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أفضل الأيام يوم عرفة)
في يوم عرفة نزل قوله سبحانه وتعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾
هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها.. قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم معشر المسلمين تقرءون في كتابكم آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر لهم: وما تلك؟ قالوا هي قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ ؛ فقال عمر رضي الله عنه: والله إني لأعلم في أي يوم أنزلت وفي أي ساعة أنزلت وأين أنزلت وأين كان رسول الله- – صلى الله عليه وسلم – – حين أنزلت: أنزلت ورسول الله فينا يخطب ونحن وقوف بعرفة.. هكذا قال عمر.
أيها الكرام :
هذه الأيام العشرة بلياليها هي درة أيام السنة، وهي جواهر الأيام؛ بما فيها من تلك الفضائل، وتلك الخصائص التي اختصها الله بها.
واسطة عقد أيامها هو يوم عرفة، فلنستعد، ولنحرص على ساعاته ودقائقه.
قال ابن حجر في الفتح: “والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره”.
أيها القراء :
لنحرص على ما ينفعنا من خير يسبقنا للآخرة، فأعمال البر متاحة للجميع، من صيام وصدقة وإدخال سرور على المسلمين، و تجديد النية في سائر الأعمال.
إن مما يسعد النفس، تلك المواسم المتوالية التي نعلمها ويذكر بعضنا بعضًا بها، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على نعمة الإسلام ورحمته، وأخوة المسلمين التي تحث على كل خير، فهي الطريق الموصل بإذن الله إلى الجنة..
المشاهدات : 405
التعليقات: 0