رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينة، حفل تكريم الفائز بجائزة الدكتور نزار بن عبيد مدني لتاريخ المدينة المنورة الحضاري في دورتها الأولى، التي فاز بها الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الحصين.
وأكد سموه أن الدولة تعتز بإسهامات رجالها المخلصين في المجالات كافة، وتحرص على الاحتفاء بمسيرتهم ومن بين هؤلاء معالي الدكتور نزار بن عبيد مدني.
وقال: لقد كنت شاهداً على خدمته العملية، ويستحق أن تحمل الجائزة اسمَ معاليه تكريماً لجهوده واحتفاءً بمسيرته في خدمة دينه ومليكه ووطنه.
وأوضح مدير عام مركز بحوث ودراسات المدينة الدكتور فهد الوهبي خلال كلمته في الحفل، أن التاريخ شهد على أرض المدينة المنورة أحداثاً متغيرة، عبر 14 قرناً من الزمان، حتى سطر التاريخ بمداد من ذهب دخول المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- للمدينة المنورة، وفي عام 1345 زار رحمه الله المدينة واجتمع بأهلها، وقال لهم: (كبيرهم أبي، ومَن هم في سِنّي إخواني، وهؤلاء الصِّغار أولادي) وأسس الأنظمة التي كفلت بفضل الله هذه النهضة الحضارية التي تشهدها المدينة في جميع أنحائها اليوم في ظل هذه الدولة المباركة.
وأشار إلى أن الاحتفاء بجائزة معالي الدكتور نزار بن عبيد مدني لتاريخ المدينة الحضاري برعاية كريمة من سمو أمير منطقة المدينة المنورة، وأنشئت تقديراً لمعاليه، وحملت في موضوع دورتها الأولى عنوان “خطط المدينة المنورة”.
ثم ألقى المؤرخ لتاريخ المدينة المنورة الأديب محمد بن صالح البليهشي، كلمة أكد من خلالها أن هذا الاحتفاء هو عنوان وفاء من قيادة وفية لمدينة الوفاء لرجل وفيّ، سقى غراسها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، ورعاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، وسمو نائبه صاحب السمو الملكي سعود بن خالد بن عبدالعزيز، بموافقة كريمة من القيادة الرشيدة -أيدها الله-.
وأشار البليهشي إلى أن الجائزة كبيرة في معناها ومبناها، مستشهداً بقصة شهدتها روضة الخفس قبل 86 عاماً يوم أن خيّم جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في تلك الروضة في العام 1360 هـ وأتته وفود مناطق المملكة ومن بينها وفد المدينة المنورة، وألقى عبيد مدني والد الدكتور نزار قصيدته الشهيرة (بدت المعالم من شفير الوادي) وأعجب بها الملك عبدالعزيز، ومن بينها البيت الشهير الذي قامت جميع الوفود تجاوباً معه لبلاغته وعمقه وسمو معناه وتقديراً وإجلالاً للملك عبدالعزيز، وقال: هذا موقف رأيت إيراده الليلة ربطاً بين المناسبتين في تكريم الدكتور نزار مدني، ابن ذلك الشاعر العملاق عبيد مدني رحمه الله.
إثر ذلك شاهد الحضور عرضاً مرئياً عن جائزة الدكتور نزار عبيد مدني، التي يُشرف عليها مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، التي تختص بالدراسات العلمية حول تاريخ المدينة المنورة تشجيعاً وتحفيزاً للباحثين في هذا الميدان.
ثم ألقى معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني، كلمة نيابة عن معالي الدكتور نزار بن عبيد مدني، أكد فيها أن الجائزة تطمح إلى تبيان وإظهار ودراسة واستقصاء التعبيرات الحضارية لمجتمع المدينة المنورة على امتداد تاريخه العريق، مشيراً إلى أن التعبير الحضاري يأخذ أشكاله المختلفة في صورة المؤسسات المجتمعية، وفي الإبداعات الثقافية والفكرية والمراكز العلمية، وفي شبكة العلاقات الإنسانية والنشاط المعيشي للمجتمع، وفي أشكال المعمار، وفي العلاقة تأثراً وتأثيراً مع الجوار والخارج.
وأضاف معاليه: تحتفي الجائزة في دورتها الأولى بدراسة معمارية رائدة عن المدينة المنورة في ماضيها القريب للأستاذ الدكتور محمد الحصين أستاذ العمارة المرموق أكاديمياً وعملياً، ويأتي هذا العمل التوثيقي المهم، كنموذج لاستقصاء التعبيرات الحضارية للمجتمع المدينة المنورة كما تبدى في نمطها المعماري الذي ظل، كما كتب د. محمد الحصين في مقدمة دراسته، “قاصراً عن الوصف والرصد والتحليل واستنباط الخصائص التي يتسم بها بمختلف عناصره ومركباته، وأولت الدراسة عناية خاصة بالبنية المعمارية والخصائص الاجتماعية للأحواش ووصفتها بأنها نمط عمراني فريد اتصفت به المدينة المنورة، وبدراسته الشاملة عن البيئة والتركيب المعماري التقليدي، يكون الدكتور محمد الحصين قد أسهم إسهاماً بارزاً في توثيق التعبيرات الحضارية للمدينة المنورة في تجلياتها المعمارية.
وأشار إلى أن بناء مجتمع حيوي ركيزة من ركائز رؤية المملكة 2030، تسعى إلى “زيادة اعتزاز المواطنين بتاريخهم وتراثهم الممتد، وجذورهم القوية الراسخة، وهويتهم الثقافية الفريدة”، وينبثق من تلك الركيزة برنامج جودة الحياة كأحد البرامج الكبرى التي يتجسد فيها المجتمع الحيوي، ومن الأهداف الإستراتيجية لبرنامج جودة الحياة تأتي “المحافظة على تراث المملكة الإسلامي والعربي والوطني والتعريف به.
وفي ختام الكلمة أكد معاليه أن هذا الاحتفاء يُعد جزءاً من صور الحراك الذي تعيشه المملكة في مختلف المناحي والمجالات في مسيرة القيادة الرائدة المبصرة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله.
ثم شاهد الحضور عرضاً مرئياً يستعرض مسيرة الفائز بالجائزة الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الحصين الذي ألقى كلمة تحدث فيها عن ذكريات طفولته في هذه المدينة المنورة مستعرضاً الترابط في نسيجها الاجتماعي والثقافي والكثير من الذكريات المرتبطة بتاريخ المدينة المنورة، مشيراً إلى أنها تُعد أنموذجاً حضرياً في تكوينه وبنيته العمرانية المتسقة والمتكاملة يحكمها شرع الله وتحكمها الأعراف وحسن الجوار والأخلاق الفاضلة لأهلها على مر العصور.
وقدّم الدكتور الحصين، شكره وتقديره لسمو أمير منطقة المدينة المنورة، على هذا الاحتفاء والتكريم ورعاية سموه لهذه الجائزة القيّمة في تاريخ المدينة الحضاري.
وفي ختام الحفل، قدم سمو أمير منطقة المدينة المنورة، درعًا تذكارياً للفائز بالجائزة، كما قدّم سموه درعاً تذكارياً لمعالي الدكتور نزار بن عبيد مدني.
يُذكر أن الجائزة التي تُمنح كل ثلاثة أعوام، تهدف إلى تعزيز البحث العلمي لتاريخ المدينة المنورة الحضاري من خلال انتقاء أبرز الدراسات والبحوث التي تختص بالتاريخ الحضاري القديم منه والحديث بما يتضمنه من مظاهر وموضوعات وبأشكال الأوعية كافة، وذلك في إطار جهود مركز بحوث ودراسات المدينة لتشجيع الباحثين وحثهم على الإبداع والابتكار.
المشاهدات : 135
التعليقات: 0