في تطور مفاجئ، شهدت سوريا تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، حيث شنّت الفصائل المسلحة هجوماً واسعاً ومباغتاً في شمال البلاد، مثيراً تساؤلات حول الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا التصعيد. فالهجوم، الذي قادته “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، أثار زوبعة من التكهنات والتحليلات حول مستقبل الحرب الأهلية السورية وتأثيرها على التوازنات الإقليمية.
مصالح تركيا
وتُعدّ تركيا أحد اللاعبين الرئيسين في النزاع السوري، حيث تدعم الفصائل المسلحة في محافظة إدلب الملاصقة لحدودها. الهجوم الأخير يخدم المصالح التركية، إذ يسعى إلى إنشاء منطقة آمنة لاحتضان اللاجئين السوريين، وهو ما يمثل أولوية قصوى لأنقرة. كما أن تركيا تسعى إلى الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، الذي يهدد أمنها القومي، وفقاً لـ”يورونيوز”.
وتلعب قوات سوريا الديمقراطية “قسد” دوراً محيراً في النزاع السوري. فهي ليست متحالفة مع قوات الحكومة السورية، ولكنها تخشى من الفصائل المدعومة من تركيا، التي خاضت معها معارك ضارية في الماضي. سيطرة “قسد” على مطار حلب ومناطق أخرى بعد انسحاب القوات الحكومية يضيف تعقيداً للوضع، حيث يخلق توازناً هشاً بين الأطراف المتنازعة.
وتمثل سوريا خط إمداد حيوياً لحزب الله اللبناني، حيث تمر الأسلحة والصواريخ القادمة من إيران عبر الأراضي السورية، واحتمال سيطرة جهة معارضة على سوريا، قد يؤدي إلى قطع هذا الخط الحيوي. فيما توقيت الهجوم في نفس يوم وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يثير التساؤلات حول العلاقة بين الحدثين.
اللعب بالنار
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حذر الرئيس السوري، بشار الأسد، من “اللعب بالنار”، وذلك قبل ساعات من الهجوم المنسق للفصائل السورية ضد قوات الأسد. إسرائيل ترى أن الهجوم قد يشغل إيران وحزب الله عن التركيز على الدولة العبرية، مما يخفف من الضغط العسكري عليها.
وتنفي الولايات المتحدة تورطها في هجوم حلب، ولكن وجود قواتها على الأرض في سوريا وحلفائها الأكراد “قسد” يثير التساؤلات حول مدى علمها بالتطورات. فالبعض يرى أن الولايات المتحدة قد تكون على علم بالهجوم، خاصة مع وجود حلفائها الأتراك في المنطقة.
وروسيا، حليفة النظام السوري، قد تواجه استنزافاً لقواتها في حال تصاعد القتال في سوريا. فهي مشغولة حالياً في حرب أوكرانيا، وقد لا تتمكن من تقديم الدعم الكافي للنظام السوري. هذا قد يصب في مصلحة الفصائل المعارضة، والتي قد تستغل الوضع لتعزيز مكاسبها.
ويسلط الهجوم الأخير في سوريا الضوء على تعقيدات النزاع في المنطقة، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية. ومستقبل سوريا يبقى غامضاً، مع استمرار الحرب الأهلية وتصاعد التوترات بين الأطراف المتنازعة. التطورات الأخيرة قد تؤدي إلى إعادة رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، مما يثير قلقاً دولياً حول مستقبل المنطقة.