لا يمكن أن يدرك المفكر سذاجة كثير من الظواهر الفكرية إلا عندما يتبنى فكرة البحث عن الحقيقة المجردة، بكل موضوعية وإنصاف، فالبحث الرصين هو ذلك البحث الذي يسلب من الباحث كل شيء سوى شغف الوصول إلى الحقيقة.
فيسلب كل انتماءاته وتحيزاته وانتصاراته للذات وتبعيته الحمقاء ،ويرفض أن يحتضن فكرة نتنة بالية، لاتقوم على ركن شديد.
كم من ظاهرة بحثت بتجرد تبين أثناءها سذاجة أفكار كنا نتبناها، وسكبت وماتزال تسكب في عقولنا سكبا، حتى غدت أدمغتنا أوعية لكل ظاهرة فكرية غلفت بوهج العاطفة وصراخ الحماس وعويل المشاركة الشعورية.
عقولنا المترفة أيها الكرام تجعلنا نقرأ ونسمع -في كثير من الأحيان- مسلّمين مستكينين إلى الدّعة والاسترخاء،كأجساد يقلبها مسّاج بارع.
آن الأوان أن نقف وننفض هذه السحائب الكئيبة، لنتأمل الفكرة، ونقتحم عوالمها، لنعرضها على ثوابتنا الإلهية والعقلية، لننتم بحق إلى نور الحق ورؤية الهبة الإلهية من عقل وذات واعية، وما عداهما فهو محل قبول ورد،لاقيمة له إلا بقدر قربه وتوافقه مع هذين الركنين.
المشاهدات : 1352
التعليقات: 0