🖋️هذا النداء الذي يهتف به النبي – صلى الله عليه وسلم – مناديًا زوجه أم المؤمنين رضي الله عنها تحببًا إليها ؛ بقوله : «يا عائش ، هذا جبريل يُقرِئك السلام» .
نعم إنها أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر بن عبدالله بن أبي قحافة ، الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما ، كنيتها أم عبدالله ، وأمها زينب أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية.
وهي أحب نساء النبي – صلى الله عليه وسلم- إليه ، وابنة أحب صحابته ، أختارها الله تعالى زوجًا لنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام لقوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ }.
وكانت رضي الله عنها المثل الأعلى للمرأة المسلمة في تربيتها العالية ، وتدينها العميق ،وقوة شخصيتها ، وسعة ثقافتها ، وقوة ذاكرتها ، وجودة فقهها ، وتواصل عطائها .
وهي المعلمة الأُولى في الإسلام ، والفقيهة ذات المرجعية الأهم لدى الصحابة المدونين للأحاديث ، والسائلين في المسائل الفقهية المختلفة ، فقد كانت -رضي الله عنها- من أكبر فقهاء الصحابة ، والمرجع الأول في الحديث والسنة ، والفقيهة الأولى في الإسلام ، وكان فقهاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرجعون إليها في المعضلات فيجدون عندها الأجْوِبة ، وقد تفقه بها جماعة من الصحابة والتابعين وحدَّثوا عنها.
ومن أمهات المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]
وقد فاق علمُ عائشة رضي الله عنها جميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .
وكانت أمُّنا في العلمِ بَحراً
تَحلُّ لسائليها المشْكِلاتِ
وعلَّمها النبيُّ أَجلَّ عِلمٍ
فكانتْ مِن أجَلِّ العالمِاتِ
ومن أكثر الصحابيات رواية لأحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- وقد نقلت لنا العديد من الأحكام الشرعية من بيت النبوة ؛ بل لو جُمعت مرويّات زوجاته صلى الله عليه وسلم لم يبلغن شيئًا من مرويَّات عائشة رضي الله عنها وحدها.
قال سفيان الثوري: “عِلمها أكثر من علم أيٍّ من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم” .
وقال الزهري: “لو جمع علم نساء هذه الأمة، فيهن أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان علم عائشة أكثر من علمهن” .
وقد كان لها حظ وافر من الشعر ، وعلوم الطب ، وأنساب العرب ، واستقت تلك العلوم من زوجها صلى الله عليه وسلم ، ووالدها رضي الله عنه ، ومن وفود العرب التي كانت تقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابن أختها عروة بن الزبير رضي الله عنهم : “ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها”.
ولأمنا السيدة عائشة رضي الله عنها الكثير من الفضائل والمناقب مبثوثة في دواوين السنة النبوية ومن ذلك :
🔸 من فضائل السيدة عائشة رضي الله عنها :
تبرأتها في حادثة الإفك وقد برأها الله تعالى من فوق سبع سموات لقوله تعالى : (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة.. ) إلى قوله (والطيبون للطيبات) وهي سبع عشر آية نزلت في براءة عائشة رضي الله تعالى عنها .
🔸من فضائلها : ( أن جبريل عليه السلام جاء بصورتها في خِرقةِ حرير خضراء إلى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم فقال 🙁 إن هذه زوجتك بالدنيا والآخرة). رواه الترمذي وصححه الألباني.
🔸 من فضائلها ، عن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام) (قالت وعليه السلام ورحمة الله ) متفق عليه.
🔸 من فضائلها : أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) متفق عليه.
🔸 من فضائلها: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
🔸 من فضائلها : عن موسى بن طلحة قال: (ما رأيت أحداً أفصح من عائشة) رواه الترمذي وصححه.
🔸 من فضائلها : عن مسلم بن صبيح قال: سألت مسروقاً: كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: (والذي لا إله غيره لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) رواه الدارمي وصحح محققه إسناده.
🔸 من فضائلها : ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام) رواه ابن أبي شيبة والإمام أحمد والبخاري ومسلم.
🔸 من فضائلها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما كان في مرضه، جعل يدور في نسائه ويقول: (أين أنا غداً، حرصاً على بيت عائشة).
🔸 من فضائلها : قول عائشة رضي الله عنها: توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي نوبتي، وبين سحري ونحري ، وجمع الله بين ريقي وريقه ، قالت: دخل عبدالرحمن- ابن أبي بكر- بسواك فضعف النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فأخذته، فمضغته ، ثم سننته به.
🔸 من فضائلها : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام) رواه ابن أبي شيبة والإمام أحمد والبخاري ومسلم.
🔸 من فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم مات في بيتها ودفن في بيتها وقد حفت الملائكة بيتها وقبض ولم يشهده غير عائشة والملائكة.
ومن مواقف حب النبي ﷺ للسيدة عائشة رضي الله عنها:
♦️ سباق النبي ﷺ مع السيدة عائشة رضي الله عنها ، فقد روت رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة “رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد
♦️ حديثه ﷺ عن حبها ، فلقد سُئل النبي : (أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا).
♦️ طلبه ﷺ أن يمرّض في بيتها قبل موته ، وقد كان يوم مرضه ﷺ في بيت عائشة رضي الله عنها ،وكان يسأل أين يكون يومه في اليوم التَّالي يريد بذلك أن يبقى فترة مرضه عند عائشة رضي الله عنها ، فاستأذن زوجاته في ذلك فأذنَّ له، وظلَّ يمرَّض في بيت عائشة، إلى أن وافته المنيَّة وهو في بيتها .
♦️ لطفه ﷺ معها عند غيرتها ، كانت السَّيدة عائشة تغار على زوجها من فرط حبِّها له، وكان -عليه الصّلاة والسّلام- يلاطفها لمَّا يرى غيرتها ولا يلومها على ذلك ، فقد جاء في الحديث أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- تزوَّج من أمِّ سلمة وسمعت عن حسنها وجمالها، فأرسلت له أم سلمة ذات يومٍ صحفةً فيها طعام، فقامت عائشة بكسرها، فجعل رسول الله -صلّى الله عبيه وسلّم- يجمع الطَّعام ويقول “غارت أمّكم”، وكرَّر ذلك مرَّتين.
ومن مواقف محبة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً للسيدة عائشة رضي الله عنها ، كما فى رواية النسائى من طريق أبى سلمة عن عائشة قالت: “دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا حميراء اتحبين أن تنظرى إليهم. فقلت: نعم” .
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هي أكمل النساء ديناً وعلماً وخلقاً وأدباً.
وقد توفيت في ١٧ رمضان من عام٥٨هـ رضي الله عنها وعن أبيها ، وكان عمرها آنذاك ٦٦عام، ودُفنت في البقيع.
خلاصة المقال: نقول في آخر المطاف بأن حبُّ النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- لزوجته عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- فد فاق محبَّة أيِّ زوجين، وكانت له مواقف عديدة في سيرته مع أمّنا عائشة رضي الله عنها تشهد على ذلك ، ومنها أنه كان يلاطفها ويلاعبها، ويُكنِّيها بأسماءٍ لطيفةٍ، ويحبُّ أن يجالسها ويتحدَّث إليها، حتّى في مرضه آثر البقاء عندها وقد توفي في حجرها ودفن في بيتها، فكانا مثالاً يُحتذى به في حبِّ الزّوجين وإخلاصهما لبعضهما.
🔘 إضاءة :
قال الإمام الذهبي – رحمه الله – عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أنها :
(أفقه نساء الأمة على الإطلاق)
كتاب “سير أعلام النبلاء” (١٣٥/٢).