حين زرعتُ النور في ظلامي… رأيتُ الجدار الذي كان يُخفيه
ما كنت أرى شيئًا…
كان كل ما حولي مظلمًا، ساكنًا، لا يُظهر إلا ضعفًا كنت أهرب من الاعتراف به، ولا يُحدّثني إلا بخذلانٍ تراكم داخلي بصمت.
ظننت أني أسير في طريقٍ بلا نهاية…
وأن الجدار الذي أمامي لا يحمل شيئًا… سوى سواد.
كنت أُقاوم السير، لا لأن الطريق صعب…
بل لأنني ظننت ألا جدوى من الاستمرار.
لكن… رغم كل شيء، زرعت النور.
زرعته وأنا لا أملك يقينًا أنه سينبت،
ولا أرى كيف له أن يُضيء،
*لكنني زرعته…*
لأن البقاء في الظلمة كان أشد وجعًا من المحاولة.
رغم الخوف، زرعت.
رغم التيه، زرعت.
رغم الغياب، زرعت.
لا لأن العالم يستحق، ولا لأن الظروف تساعد…
بل لأن النور طبيعتي، والضوء رسالتي.
وما إن بدأ ذلك البصيص الصغير يظهر… حتى بدأ يتسلل بهدوء،
وانكشفت الزاوية التي لطالما حسبتها خرابًا.
فإذا بي أُبصر جدارًا كاملاً…
ليس خاليًا كما ظننت، بل مليئًا…
بنجاحاتي، بخطواتي التي ظننتها بلا أثر،
بكل مرة قاومت فيها الانكسار… ومضيت.
أدركت حينها…
أن الظلام لم يكن سوى حجاب مؤقت،
يُخفي عني ما صنعت يداي،
ويُؤخر رؤيتي لما بنيته،
لا لأنه غير موجود…
بل لأنني لم أُشعل النور لأراه.
وهنا فقط…
فهمت أن الظلام لا يعني دائمًا الفشل،
ولا يعني أن الطريق انتهى،
بل قد يكون غطاءً مؤقتًا من الله…
حتى تكتمل الرحلة، ويحين وقت البصيرة.
فبعض الجدران… لا تُظهر لك جمالها إلا حين تزرع النور بداخل نفسك أولًا.
وصيتي لك:
أنر زواياك المظلمة…
فجدرانك ليست فارغة،
بل امتلأت بك،
بصبرك، بخطواتك، وبما نجوته وحدك.
لا تطفئ نورك… فهو الشاهد عليك، والدليل إليك.
