في عمق فلسفة التدريب، لا يُقاس المدرب بما يحمله من شهادات، أو بما يحفظ من معلومات، بل بما يُتقنه من مهارات تتحول إلى منارة تهدي من حوله.
فالمهارة ليست حركة ميكانيكية يكررها، بل وعيٌ يُمارس، ورسالةٌ تُضيء، وأثرٌ يتجاوز حدود اللحظة.
حين نقول: “مهارتي منارتي” فإننا نُعلن أن المدرب بلا مهارة أشبه بسفينة بلا بوصلة، وصوت بلا صدى. فالمهارة هي التي تمنحه الضوء وسط عتمة التكرار، وتجعله مختلفًا في بحرٍ مليء بالمحاضرين والمتحدثين.
المهارة في التدريب ليست مجرد أسلوب، بل فلسفة تقوم على:
مهارة الإصغاء التي تكشف حاجات المتدرب أكثر مما تكشفه العيون.
مهارة السؤال التي تُفتح بها مغاليق العقول لا الأبواب فقط.
مهارة التفاعل التي تحوّل القاعة من مقاعد صامتة إلى رحلة وعي مشتركة.
مهارة الأثر التي تترك بصمةً لا تُمحى بعد انتهاء اللقاء.
المهارة هنا تتحول من أداء إلى منارة. المدرب الماهر لا يضيء لنفسه فحسب، بل يُصبح نورًا يُرشد غيره في مسيرتهم نحو التعلّم والتغيير. فالمهارة التي لا تنير للآخرين ليست منارة، بل وهج عابر ينطفئ مع نهاية الجلسة.
إن التدريب في جوهره رحلة هداية: يبدأ بهداية الله التي تفتح القلوب للتعلّم، ثم يأتي دور المدرب ليجعل من مهاراته منارات تهدي المتعلمين إلى اكتشاف ذواتهم. هنا تلتقي الفلسفة بالواقع: الهداية الإلهية تُشعل النور، ومهارات التدريب تُوجّه هذا النور ليصنع أثرًا باقياً.
فمهارتي منارتي… ليست مجرد شعار، بل هي جوهر فلسفة التدريب: أن يكون المدرب هو النور الذي يضيء القاعة بمهاراته، فيبقى أثره حيًا حتى بعد أن تُطفأ الأضواء.
