الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وآلهِ وصحبِه أجمعين، أمّا بعد:
فإنَّ الوعيَ الفكريَّ الصحيحَ لا يقومُ إلّا على العقيدةِ السليمة؛ فإذا ضعُفتِ العقيدةُ أو اختلَّ ميزانُها اضطربتِ العقول، وزلَّتِ الأقدام، وصار الناسُ عُرضةً للانحراف، صغارًا كانوا أو كبارًا، ومن ثَمّ يسهلُ على دُعاةِ الأهواءِ أن يصطادوا العقول، فيُبعِدوها عن منهجِ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ القائمِ على الكتابِ والسُّنَّة، ليفرِّغوها من هُدى الوحي، ويملؤوها بظلماتِ البدعِ والأفكارِ الحزبيَّة.
وهنا تبرزُ الحقيقةُ الكبرى: أنَّ المنهجَ السلفيَّ الحقَّ هو منهجُ الوسطيةِ والاعتدال، البعيدُ عن الغلوِّ والجفاء، كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ – رحمه الله –: «دينُ اللهِ وسطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه». فإذا استقام الناسُ على هذا المنهجِ استقام فكرُهم، وأَمِنَتْ قلوبُهم من الانحراف.
ولذلك فإنَّ الأمنَ الفكريَّ هو الأساسُ لأمنِ الأوطان؛ فمن اختُطِفَ فكرُه انجرف سلوكُه، ومَن زُرِع في قلبِه بذورُ الانحراف أثمر فسادًا في المجتمعِ كلِّه. ولا سبيلَ إلى أمنٍ حقيقيٍّ إلّا بالتمسّك بالكتابِ والسُّنَّةِ وفهمِ السلفِ الصالح.
ومن هنا تتأكَّد أمانةُ العلماءِ والمربّين: أن يغرسوا في الناشئةِ أصولَ التوحيد، ويُغذُّوا عقولَهم بالعلمِ الصحيح، ويُرسِّخوا في نفوسِهم محبَّةَ منهجِ السلفِ الصالح، ليكونوا لبِناتٍ راسخةً في بناءِ الأمَّة، وحُصونًا منيعةً أمام تيّاراتِ الغلوِّ والانحراف.
كتبه:
د/ عبد الهادي بن عوض العمري
مشرف قسم الوعي الفكري بالإدارة العامة للتعليم بالمدينة
وعضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
21 / ربيع الأول / 1447 هـ
