برعاية رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي الدكتور محمد بن عبد الله القاسم، انطلقت اليوم الأربعاء فعاليات ندوة القانون الدولي الإنساني بمناسبة مرور سبعين عامًا على اعتماد اتفاقيات جنيف الأربعة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المملكة العربية السعودية في مدينة الرياض، وذلك بحضور ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمملكة السيد خضر أول عمر وعدد من الخبراء.
وقال رئيس الهيئة خلال كلمته بالندوة: لقد لعبت مملكة الإنسانية دورًا فاعلا ومحوريًا في مساندة العمل الإنساني على المستوى الإقليمي والدولي، لتعزيز كافة الجهود والمبادرات الرامية إلى تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي وتفعيل دور المؤسسات الإنسانية حول العالم ودعم وتعزيز سبل حماية حقوق المدنيين في النزاعات المسلحة ورفع المعاناة الإنسانية عن ضحايا الحروب.
وأضاف رئيس الهيئة لقد ولد القانون الإنساني الذي جاء باتفاقيات جنيف الأربعة من رحم الحروب بعد معاناة مريرة شهدتها الإنسانية في أعقاب حربين عالميتين شهدت فيها البشرية أبشع صور الانتهاكات والجرائم، فبادر المجتمع الدولي خلال نهاية الحرب العالمية الثانية بوضع تشريعات دولية للتخفيف من بشاعة الحروب وحدتها، فالحرب إذا قامت رحاها لا يجب أن تنتزع الرحمة من القلوب.
وأشار الدكتور القاسم إلى أن مبادئ الشريعة الإسلامية تتضمن الكثير من المبادئ الراسخة المتوافقة مع القوانين الحديثة، موكدًا أن الشريعة لا تقر الحرب الشاملة بل وضعت لها مجموعة من الضوابط.
لقد كان توقيع هذه الاتفاقيات حدثًا إنسانيًا هامًا وخطوة للأمام لإرساء قواعد القانون الدولي الإنساني المعاصر، غير أن تفعيل احترام هذا القانون يمثل أحد أهم مشاغل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مما يطرح جملة من التساؤلات حول مدى قدرة هذا القانون على الإيفاء بمضمونه ورسالته وأغراضه الإنسانية في نزاعات اليوم التي تتصف بالتقدم التقني الهائل.
وأكد الدكتور القاسم أن هيئة الهلال الأحمر لعبت دورًا بارزًا وفعالًا في نشر مبادئ وقيم القانون الدولي الإنساني والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر لدى العديد من الأوساط العسكرية والمدنية داخل المملكة، مشيرًا إلى أن إنشاء جهاز متخصص مثل اللجنة الدائمة للقانون الدولي الإنساني ساهم بقدر كبير في التعريف بأهمية القانون الإنساني.
ومن جانبه، أشاد ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمملكة السيد خضر أول عمر، بالجهود الكبيرة التي قدمتها المملكة العربية السعودية لتعزيز الامتثال للقانون الدولي الإنساني، مشيرًا إلى العدد المتنامي لدورات نشر القانون التي يتم عقدها لصالح المسؤولين السعوديين لا سيما في السلك العسكري والدبلوماسي والأكاديمي.
وقال خلال كلمته بالندوة: “أود أن أشيد بجهود هيئة الهلال الأحمر السعودي لانخراطها في نشر القانون الدولي الإنساني، وتواجدها في الصفوف الأولى للحركة الدولية، مشيداً بالدور المحوري للهلال الأحمر بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لترتيب المكالمات المرئية عبر تقنية الفيديو لصالح محتجزي سجن غوانتانامو، ودورها الهام في تأسيس لجنة للقانون الدولي الإنساني وحرصها على نشر هذا القانون وإدماجه في التشريعات الوطنية.
وأضاف عمر أن اتفاقيات جنيف هي شهادة قوية على الإنسانية ومثال بارز للعمل الجماعي الدولي، وتشكل إنجازًا عملاقا للتعاون بين الدول، إلا أن النزاعات المعاصرة تشكل أحد التحديات الكبرى للاتفاقيات، فيمكن للأسلحة وأساليب الحرب الجديدة مثل الحرب الإلكترونية أو الأسلحة الآلية، التي غيرت من أنماط الحروب وحولتها إلى نزاعات معقدة تضم الكثير من الشركاء والتحالفات، أن توهن المسؤوليات وتقلل من فعاليتها.
ودعا ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ختام كلمته إلى أهمية تكاتف جميع الدول والمنظمات المعنية بالقانون الإنساني الدولي إلى بذل مزيد من الجهد لمواجهة التحديات الراهنة التي فرضتها طبيعة الحروب المعاصرة.
واستعرض أمين سر اللجنة الدائمة للقانون الدولي الانساني عبد الله الرويلي سبل نشر وتعزيز القانون الدولي الإنساني على الصعيد الوطني، كما ناقش سعادة مدير عام الإدارة القانونية بهيئة الهلال الأحمر السعودي الأستاذ عبد العزيز الضويان مراحل تطور القانون الدولي الإنساني والتحديات الراهنة. كما قدم أيضا الدكتور معز الهذلي من اللجنة الدولية للصليب الأحمر ورقة علمية ناقش خلالها مراقبة انتهاك القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة والملاحقة القانونية.