نحن نعيش في عصر الشك وعدم اليقين، الشك حتى فيما تراه العين وتسمعه الأذن في ظل تنامٍ سريع للآلة والتقنية، وقدرتها على تزييف الواقع وصناعة محتوى لا يستطيع فيه المتلقي التفرقة بين الواقع والخيال، الحقيقي والمزيف.
ومع تدفق المعلومات كما وكيفا، وتناقض مضامينها، فإن ثقافة الشك سيطرت على العقلية المعاصرة، فغابت معها المسلمات القديمة، ومن أولى هذه المسلمات التي بدأت بالتلاشي، موثوقية العلم وأهله.
فلم يعد العلم يحظى بتلك النظرة المحفوفة بالاحترام الأقرب للقداسة، ولم يعد أرباب العلم، وأهله، من أكاديميين ومثقفين وكتاب وأدباء، يحظون بتلك المكانة الاجتماعية العالية التي تجعلهم بمنأى عن التقييم والتشريح والنقد، بل إنهم أصبحوا في حالة هي أقرب إلى التشكيك وعدم الثقة في أشخاصهم وفيما يطرحونه من رؤى ومضامين.
وبتصوري، أن أكثر من ساهم في خلق هذه الصورة المتشككة وأساء ولا يزال يسيء للعلم واستمرارية احترامه بين الناس، هم بعض الأكاديميين والمثقفين والأدباء، فمن خلال الصحافة أو وسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا يطرحون رؤاهم الانطباعية وأحيانا يصفّون حساباتهم الشخصية تحت غطاء العلم ونظرياته ومناهجه, في حين أن المضمون أبعد ما يكون عن المنهج العلمي، غير مدركين أن الغالبية العظمى من القراء أصبحوا على حالة كبيرة من الوعي، ولم تعد تنطلي عليهم مثل هذه الأطروحات، ما انعكس سلبا على رؤية الناس للثقافة ولمجمل العمل العلمي والأكاديمي، الذي اهتز وبقوة في عيون الناس، وأفقد بعضهم احترامه له بالشكل الذي سيساهم في التقليل من فرص بناء مجتمع معرفي متعلم، قادر على مواكبة هذا العصر المعرفي بامتياز.
بقلم/ تركي رويع الرويلي
المشاهدات : 1760
التعليقات: 0