هل تأخرت ؟
تنظر مسرعة إلى ساعتها، عقارب الساعة تشير إلى الخامسة، أيّ خامسة؟ فجراً، أم مساءً؟، لا تعلم!، فليس هناك ضوء، ولا عتمةً في حجرتها، ولا في وقتها!
تكرر: هل تأخرت ؟
تنهض على عجل، وترفع الستارة المخملية ذات اللون الرمادي، ثم تفتح شباكها الزجاجي، وتنظر للسماء.
الشمس تدافع الظلمة ببطء، كل يوم هما في صراع، من يخفي الأخر؟ من يبقى ومن يرحل؟
تفتح صنبور الماء الدافىء، وتقف تنظر لوجهها في المرأة دقائق، ربما ثوانٍ، ربما أيام! لا تعلم لكنه وقتٌ كأيِّ وقت!
أخفى البخار الذي التصق ببرودة المرآة وجهها، فمدت يدها لتكتب بسبابتها على المرآة هل تأخرت؟.
تركت ملامحها خلف البخار تبحث عن الجواب وأسرعت لتبدل ملابسها، ووضعت شالها المخمل على رأسها وخرجت.
لكنها سرعان ما تعود، نسيت حقيبتها ومفتاح سيارتها.
تمر الثواني وربما الدقائق، وهي تبحث عن مفاتيحها، وحقيبتها مر الوقت فمن الطبيعي أن يمر!
تعثر عليها، وتجد المفاتيح بداخلها وقبل أن تغلق حقيبتها الرمادية تخرج زجاجة عطرها، وتنثر بعضًا من ذراته على قميصها، وشالها فكم تعشق هذا العطر الذي لا تبدله بإي عطر، فرائحته تنعش فكرها كما ينعش الماء الأرض .
تأخذ نفسًا عميقاً ثم تقول وهي ترجع عطرها داخل حقيبتها: أرجو أن لا أكون تأخرت!؟
تخرج وتقود سيارتها في طرقات الأرض طريق يرمي بها إلى طريق، وزقاق ضيق يرمي بها إلى زقاق أضيق.
تسير، وتعبر، وتمر، وتتجاوز، تصل وهي لا تعلم بعد هل تأخرت؟
تجلس على الكرسي الخشبي أمام محطة المغادرين والعائدين، تخلع شالها وتضعه بقربها، وتضع حقيبتها المليئة بالمفاتيح فوقه حتى لا يطيره الهواء بعيداً عنها.
تجلس بصمت، و تراقب المارة، وتستمع لأصواتهم، ولهجاتهم المختلفة.
فيمر الوقت كأيِّ وقت! لأن من أهم قوانين الوقت أنه يمر! ويعبر.
توقف شحن ساعتها فتاه الوقت منها. وصمتت عقارب الساعة، لكنه كان يمر بعيداً عن عقارب ساعتها المتوقفة يمر.
رفعت عينيها ذات الأهداب الكثيفة، وأخذت تنظر لمدى الطريق، وسألت نفسها كم من الوقت سيأخذ هذا الطريق؟ أجاب أحد العابرين: العمر.
لم يكن يجيبها أو يتحدث معها، أنما كان يتحدث بالهاتف! وهو يعبر من قرب قدميها.
لكن ربما هذا العابر المغادر أجاب عن سؤالٍ تكرر، ونثر على طرقات الأرض وسكب من أطراف الوقت، ودفن في ممرات الصمت. .
المشاهدات : 1910
التعليقات: 0