ان التسامح خلقُ النبلاء يقول الشاعر أحمد شوقي :
تسامح النفس معنىً من مروءتها
بل المروءة في اسمى معانيها
تخلقِ الصفح تسعد في الحياة به
فالنفس يسعدها خلقٌ ويشقيها
فهو خلقٌ ترتقي به الارواح وتعلو في منازلها، وهو لين وتهاون وعدم رد الاذية والشر بمثله مع القدرة على ذلك ، وتقديم الفرص للاخرين والتغاضي عن أخطائهم وعثراتهم ، إن التسامح والصفح من الضروريات تخيلوا مدى هشاشة الحياة الاجتماعية لو تتبع كلٌ منا عثرات الاخر ، ولو غضبنا وتهشمنا لكل زلة وعثرة .
وقد حثنا تعالى في قرانه العظيم على التسامح فقال عز وجل : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ). سورة البقرة ١٧٨
وديننا الحنيف هو دين اللين والتسامح ولنا في نبينا الكريم اسوة ونموذج للتسامح في أسمى صوره فواجه صلى الله عليه وسلم الاساءة والمكر والاذية والطرد قائلًا أذهبوا انتم الطلقاء وليس في نفسه ذرة حقد او كراهية ولا نية انتقام كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه” اخرجه مسلم .
ولا يختصر التسامح على المذكور اعلاه حيث إن باب التسامح بلا حدود وصوره لا يمكن حصرها فالتسامح لا يكون فقط بتقديم العفو والغفران بل بتقبل الاخرين قبولا تاما قال تعالى : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) سورة الكافرون ٦ ، فالتسامح هنا يقتضي عدم كن الكراهية لطائفة او لعرق او لشخصٍ بسبب أفكاره ومعتقداته واحترام الجميع بشتى اختلافاتهم ، ولكن ننوه هنا بأن التسامح لا يقتضي الاتباع والارتضاء للطرف الآخر ولكن تقديم الاحترام وادراك أن البشر سواسية ولا فرق بينهم الا بالتقوى.
ختامًا إن التسامح لخلق عظيم فاجتهد وجاهد للتحلي به ، وتذكر دوما لا معصوم من الاخطاء الا الانبياء وقد قال صلى الله عليه وسلم ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وكلٌ منا يستحق فرصة فاغفر وسامح و تغاضى ما استطعت .