عام مضى وتصرمت أيامه..
بين الأحبة إنهم سلوانا..
و :
عام أتى والشوق يحدونا له
نرنو إلى مجد لنا عنوانا..
إنها سنة الله في الكون.
سرعان ما مرّ عام وانقضى، وكأنه ساعة من نهار، مرّ بما يحمل من خير وشر، وكأنه ينبه إلى وقفات لابد أن نقف عندها..
لحظات وأيام وساعات وأشهر، بل عام بأكمله لن يقف وينتظر أحدًا.
مضت الأوقات فيه بحلوها ومرها، وهذا من رحمة الله بعباده.
لن يقف الحزن ليؤلمك، ولن يقف الفرح ينتظر تأجيلك،
بين عامين يا رفاق ونحن..
بين غادي ورائح يتسامى..
أيها القراء:
من يدرك حقيقة الكون، ومن يعرف طبيعة الحياة الدنيا،
يعش على منهج رباني خُلقنا من أجله، لا تفريط فيه ولا إفراط، نظام حياة متكامل، وبشرية بين الصواب والخطأ، وإله واحد عزّ شأنه، خلقنا وعلّمنا مالم نعلم.
جعل لنا في ثواني الوقت وسنينه أعمالًا، هي طريقنا إليه، وجعل في ديننا حدودًا تردنا إليه، إن تاهت بنا بوصلة السبل..
هانحن الآن بين عام مضى،مميز وغريب،
ما مرّ على البشرية في العالم مثله؛ لأن أحداث الأعوام في مجملها لا تتكرر..
فهنيئًا لمن ودّعه برضوان الله وعفوه.
قالوا: سيرحلُ من أعمارنا عامُ
فقلتُ: كيف وهذا العمر أيّامُ !؟
والحقيقة يا كرام:
لا يرحل العام نحن الراحلون إلى
نهاية العمر والأعوامُ أرقامُ !
كلنا مر بمواقف عجيبة غريبة، مزعجة ومفرحة، وأثناء انزعاجنا نتمنى أن يمر الوقت، وهاهو عام بأكمله يمر..
وبقدوم هذا العام الجديد لابد أن نتذكر ونعي مانحن فيه من صحة وعافية،ونعم كثيرة،فكم من بلاء ومصيبة مرت على الأمم وزالت بحول الله وقوته. وهي والله من النعم الكبرى.. نعم هي نعمة حين يزول الشر والسوء أيًا كان..
وهنا نحن نحتاج إلى صبر عند الشدائد، وحمد عند النعم.
وقوة إيمان بقضاء الله وقدره وأن ما يصيبنا إنما هو كما قال تعالى:
{ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}
وما تنفع الأعوامُ حين تعدُّها
ولم تَستفد فيهنَّ علما ولا فضلا..
أيها الفضلاء:
في مفترق الطرق يجب أن يكون هناك قرار صائب، ولحظة التوقف لابد أن ينتج عنها تغيير نحو الأفضل، ولابد يا كرام أن نعقد أهم اجتماع لنا، ذلك هو اجتماع كل منا مع نفسه، ماذا قدم في عام مضى؟
وماذا سيقدم في عام أتى؟
حاولوا تجاوز كل عقبة كانت، بتغيير واقع أليم كنتم تظنون الأيام كفيلة به، ولم تفعلوا الأسباب..
خططوا لمستقبل قريبٍ أو بعيد..
استفيدوا من تجارب الآخرين وتذكروا:
(السعيد من وُعظ بغيره، والتعيس من وُعظ بنفسه)
اجعلوا من عامكم المنصرم(أرشيفًا)تعودون لأجمل مافيه فقط، دون الرجوع لأطلال قد تحزنكم..
كونوا دائمًا وأبدًا مع الله، واجعلوا ظنكم الحسن به -سبحانه- نبراسًا يضئ حياتكم بكل تفاصيلها..
عيشوا بواقعية، واعلموا أن سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام عاش العسر واليسر، والفقر والغنى، والفرح والترح، ولم تتعارض بشريته مع نبوته؛ لأنه المعلم الأول والقدوة لنا جميعًا..
قال تعالى:
{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
همسة :
جعل الله أعوامنا فيما يرضيه، وكتب لنا جميعًا سعادة الدارين..