ونحن نقف على قمم التدريب، وبعد أن خضنا كثيرًا من مواقفه، آن لنا في هذا الوقت أن نتأمل.
وهنا..
لم نكن نبحث عن إجابات جاهزة… بل عن أسئلة منسية، أسئلة خرجت من زوايا العقل المعتمة… حيث تتوارى الحقيقة خلف روتين العرض، وسقف الألقاب، وسطوة التصفيق.
هنا أيها المدرب/ة
جمعت لكم ثلاثة عشر محورًا تفكيريًا، كل محور هو مرآة مدرب… لا تعكس صورته، بل تكشف أعماقه.
أسئلة ليست لإدانة أحد… بل لإيقاظ شيء فيه كان نائمًا.
رحلة ما بعد الضوء… حين لا يكفي أن تكون مدربًا، بل أن تصبح ذا أثرٍ، وحينئذٍ لا تُقاس عظمتك بعدد الحضور… بل بعمق ما غيّرته في العابرين.
1. بعد أن بدأت… هل تذكّرت لماذا اخترت هذا الطريق؟
– هل لا تزال تلك الشرارة الأولى حيّة، تحركك كلما فترت؟
– أم أنك علّقت رسالتك على مشجب الوقت والتصفيق والزحام؟
2. بعد أن تعلّمت… هل بدأت تُبدع؟
– هل ما زلت تردد ما أُعطي لك؟ أم أنك صغت بصمتك؟
– الاحتراف ليس أن تحفظ أدوات غيرك، بل أن تبتكر ما يستحق أن يُخلَّد باسمك.
3. بعد أن درّبت… هل ربّيت؟
– هل منحتهم المهارة فقط؟ أم فتحت أعينهم على الوعي؟
– المدرب الحقيقي يُخرّج إنسانًا لا مجرد متدرب.
4. بعد أن أبهرت الحضور… هل أبهرت ضميرك؟
– هل كنت حقيقيًا كما ظهرت؟
– أم كنت تقدم عرضًا ممتازًا لجمهور نسي أن يسأل: ماذا بقي لك حين تنتهي الدورة؟
5. بعد أن امتلأت القاعات… هل امتلأت القلوب؟
– كم مقعد جلس عليه جسد، لكن لم يتحرك فيه فكر؟
– وكم كلمة خرجت منك… لتولد حياة جديدة في داخل إنسان؟
6. بعد أن أصبح لك جمهور… هل صنعت خلفاء؟
– الجمهور يصفق… لكن الخلفاء يُكملون الرسالة.
– هل هناك من يحمل فكرك لا فقط يرويه؟
7. بعد أن صعدت المنصة… هل رأيت ذاتك من الداخل؟
– كم مرة وقفت أمامهم… لكنك لم تقف أمام نفسك؟
– المنصة تريك صورتك… لكن الخلوة تريك حقيقتك.
8. بعد أن كَبُر اسمك… هل بقي قلبك لله صغيرًا؟
– في كل مرة يُنادى بك: “المدرب الكبير”… هل تذكّرت من منحك هذا؟
– النية التي بدأت بها، هل ما زالت تقودك أم صارت تابعة للحشود؟
9. بعد أن تبِعك الناس… هل عرفت إلى أين تقودهم؟
– هل ما تقدمه يوجّههم؟ أم يذهلهم؟
– بين الإبهار والهداية فرق… أحدهما يُدهش، والآخر يُحيي.
10. بعد أن اشتعل شغفك… هل نظّمت طاقتك؟
– النار إن لم تُدار أحرقت صاحبها.
– هل كنت تدير حماسك؟ أم تتركه يستهلكك باسم العطاء؟
11. بعد أن ألقيت الدورات… هل صنعت تحوّلات؟
– الدورة تنتهي بورقة… لكن التحوّل يبدأ من كلمة صادقة.
– كم من متدرب عاد لنفسه… لأنك أيقظت فيه شيئًا كان نائمًا؟
12. بعد أن خُطَّ اسمك بين المدربين… هل كُتب في القلوب؟
– في السير الذاتية، أنت مدرب معتمد.
– لكن في ذاكرة المتدربين… هل أنت من صنع الفارق؟
13. بعد أن سُميّت مدربًا محترفًا… هل أصبحت صانع أثر؟
– اللقب لا يخلق الأثر… لكن الأثر قد يصنع ألف لقب.
– هل تُعرَف بما قلت؟ أم بما أنجزت في أرواحهم؟
ختاماً:
ما قرأتموه ليس نصًا للتأمل فقط… بل بوابة لرحلة داخل الذات.
رحلة من الضوء… إلى المعنى… إلى الأثر.
وغدًا بإذن الله، نحن على موعد ومستقبل مشرق، سنكمل الرحلة… ونفتح نوافذ جديدة من هذه الرحلة، ليكون لكل مدرب منكم سؤال… يصنع أثره قبل أن يصنع برنامجه.
دمتم مُلهمين…
صُنّاعًا لما بعد التدريب، لا مجرد مؤدين له.