إختلف مفهوم القوة بزمننا هذا حيث أصبحت تكمن في الفردية والشتت ، وليس في الإتحاد والتضامن مع بعضنا البعض ، وأن نكتفي بذاتنا عن جميع من حولنا . .
فأصبحنا نعيش في الآونة الأخيرة بمجتمعنا شعارات حديثة وعبارات قاتلة للإنسانية من وجهة نظري ، تلك التي نسمعها ونشاهدها من بعض مدربي تطوير الذات ومشاهير السوشل ميديا والتي تقول (( أنتم / أنتن أقوياء دون الحاجة للآخرين ،إكتفوا بذاتكم ، وبرأيكم وفِكركم ومعيشتكم ، وتستطيعوا أن تكونوا بمفردكم ، ولستم بحاجة لأحد بجانبكم ))
والتي حفظها وبدأ بتنفيذها بعض أبناء جيلنا الحديث وأصبحوا في إستغناء تام عن أهلهم وأقاربهم ،
ومن المؤسف أن نجد بعض الفتيات اليوم بمجتمعنا الإسلامي ، بدأن ينفردن للعيش بمنزلهم الخاص (( رغم أنهن لم يتزوجن )) ليستقلن بذاتهن ومع صديقاتهن وبكل إرتياح دون الشعور بالغربة من كونها ليست في كنف والديها أو تنتمي لبيت الطفولة وذكرياته الجميلة مع أفراد أسرتها التي لاتُعوض .
لا نُنكِر أمراً. وهو أن نسمع للآخرين (( أهل العلم والمعرفة والثقة )) ونستفيد من تجاربهم ، ولا أن نسمع للمشاهير وعامة الناس بمختلف بلدانهم ونتبعهم دون وعي ، فلكل مجتمع له ثقافته وظروفه وعاداته المناسبة له .
والحقيقة : نحن أقوياء أولاً بمعية خالقنا الله هذا أمر لاشك فيه ، ولكن لانُنكر إحتياجنا لبعضا البعض مهما أمتلكنا من قوة المال أو السلطة أو الصحة أو المكانة الاجتماعية .
وتكمن أهم بنود السعادة في تجمع البشر بعضهم البعض وليس في بقاءهم وحيدين ، ولا ننسى أن هناك مرض يسمى بالتوحد ، وهذا إثبات على أن الوحدة بالمطلق عِلة وليس أمر مُحبب أو صحي للنفس البشرية ، وعليه يجب التداوي منه ،
كما أن عند العقوبة المشددة للمجرم أن يُسجن بمفرده ، إضافة إن لإنتشار الإكتئاب والأمراض النفسية اليوم والتي من أكبر أسبابهما الوحدة والبعد عن الأهل وعدم مشاركتهم أوقاتهم .
فكل شي في هذه الحياة يرمز للثنائيات
فمثلا : نجد في المطاعم طاولة ذات المقعدان أو الثلاثة او …الخ ، ولا نجد طاولة بمقعد واحد ، وكثير من آيات الله في الكون نجدها تتمثل لنا بهيئة الثنائي وليس الفردي .
كالشمس والقمر ، الليل والنهار ، سماء وأرض ، وفي أنفسنا لوجدنا أجسادنا خُلق كل شي فيها إثنين ( يدآن إثنين ورجلان وعينان وأذنان وشفتان ..الخ )
وقد أخبرنا نبينا وشفيعنا سيدنا محمد عليه السلام بذلك في الحديث الشريف بالنهي عن بعض السلوكيات الفردية ك المبيت والسفر بمفردنا (( لو يعلم الناس مافي الوحدة ماأعلمُ ، ماسار راكب بليلٍ وحده )).
وفي حديث آخر يحُثنا فيه على التكاتف والتآلف ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبّك بين أصابعه ) .
ومن الجميل والحسن ، العزلة لبعض الوقت للتأمل ومحاسبة النفس ولصفو الذهن ، فذلك مطلب مهم لبقاء العقل والروح في صحة وسلام .
وبعد كل هذا نقولها وبصوتٍ عالٍ لكل أهلنا أو من تربطنا بهم صلة قرآبة أو صدآقة
نعم نحن أقوياء ، وبكم نكون أقوى ونحتاجكم بجانبنا ، ولتعلموا جيداً أن إحتياجنا لبعضا البعض ليس ضعفاً ، بل قوة عظيمة ومن الفطِرة السليمة )) .
وننتظر منكم دوماً . كلمة . إبتسامة . نظرة . دعاء . 🌹
