من أظهر أنواع العقوق هذه الأيام؛ عقوق أبناء العربية عربيتهم الرؤوم الوفية! ولهذا العقوق مستويات أظهرها ما يكون :
١. على المستوى العام : التنازل عن أدنى درجات البيان إلى أسوأ ألوان التهشيم والمزج العشوائي المقزز، كما يفعله أبناء العربية مع غيرهم من الناطقين بغيرها، فتسمع من يقول : إنت فيه كلم كفيل! وهو يريد أن يقول: كلم كفيلك! فيطيل اللفظ ويباعد بين تناسق السياق! وكما نسمع: إنت فين روح؟ والمراد أين ستذهب؟ وقس على ذلك الكثير…
فياللعجب الذي لاينقضي، كيف استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
٢. على المستوى الفردي: قبول المصطلحات الركيكة وتوظيفها حتى مع أبناء اللسان العربي، فعلى سبيل المثال: يقول قائلنا لابنه مثلا : روح المطعم وهات ثلاثة نفر رز !! فهل تأملنا هذا التركيب !
ففعل الأمر عومل بطريقة فريدة في الغرابة! وكيف سلبنا الفعل دلالته الأصلية؟! وحقه في حرفه المختص بالتعدية ؟! وكيف بات لمصطلح الكيل أو الوزن أو الكم لفظ لا يناسبه أبدا، فمتى كان الأرز بالنفر؟ وهل تأملنا دلالة “نفر”؟ فالنفر في أقرب دلالة لهذا السياق (الفرد من الرجال). هل منا آكل للحوم البشر؟! فانظر كيف اتخذنا الخطأ صوابا واصطلحنا على تعميمه وبثه عبر الأجيال بطريقة مدمرة لبناء اللغة ودلالاتها؟!!
٣. على مستوى المكانة: أعني بالمكانة مكانة اللغة العربية بين اللغات، إننا بهذا التنازل الفج لانخدم المتلقي ولا لغتنا المقدسة، بل ندمر هويتنا ونزعزع الثقة في نفوسنا وأجيال اللسان العربي، فاللغة تنمو بقدرة أهلها على الاعتزاز بها والدفاع عنها، ونشرها سليمة مفهومة يمكن توظيفها في سياقات المعرفة الإنسانية وبناء الأفكار والتوجهات، وأما اللغة المهشمة المركبة تركيبا عبثيا، فلن تخدم فكرا ولن تنشر وعيا ولاثقافة، وإنما تعكس خور ومهانة مهشميها ولائكيها بألسنتهم المتعرجة الملتوية.
فيا أبناء العربية وحماتها، لاتتنازلوا عن لغتكم بحجة أن المخاطب لن يفهم إلا بهذه الصورة المهشمة، وثقوا أن الذي جعل المخاطب يفهم هشيما تلوكه ألسنة جائرة، خال من تناسق الألفاظ وجمال التراكيب، سيجعله بكل يسر واطمئنان قادرا على فهم الأسلوب اللغوي المنطلق من سلسلة من الأسس المنطقية والقواعد المتناسقة.
المشاهدات : 1895
1 تعليق