إن المتأمل في مايحدث بالعالم تجاه تعامل الدول والمجتمعات حيال الكارثة الوبائية (كورونا كوفيد 19) وماترتب عليها من أزمة صحية وخسائر اقتصادية يعلم يقينًا مدى نجاح المملكة العربية السعودية في إدارة هذة الأزمة باحترافية وبخطط إستباقية والتدرج في اتخاذ الإجراءات الوقائية والتدابير الإحترازية وهدفها الأسمى الحفاظ على الأرواح, كما يعلم أثر المسؤلية الإجتماعية لكل فرد منا للحد والسيطرة من انتشار الفيروس والقضاء عليه بإذن الله تعالى, من خلال الإلتزام بالأنظمة والتعليمات والتعاون والمشاركة والتطوع لتقديم كل مانستطيع, وكذلك تغيير كثير من الممارسات الحياتية الروتينية.
ولكن ماذا عن المسؤلية الإجتماعية في مناهجنا التعليمية, وماذا عن التعامل مع الكوارث وإدارة الأزمات, فمن المعلوم اليوم بأن مدخل التعليم وبالتحديد المناهج التعليمية هي الخطة الاستراتيجية لتجاوز الأزمات والتحديات التي تعترض حياة المتعلم بكل مستجداتها وتعقيداتها, كما أنها الخطة الاستراتيجية لتحقيق آمال الدول وتطلعاتها, ولعل ماحدث اليوم يجعلنا نلتفت إلى مناهجنا الدراسية والنظر إليها من جانب تقويمي وتطويري.
وبحكم التخصص سأتناول مناهج الرياضيات على وجه الخصوص فكثير من الدراسات والبحوث التربوية في مجال تعليم وتدريس الرياضيات تناولت تطوير المناهج في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين وفي ضوء الإقتصاد المعرفي والمداخل التكاملية والتكامل بين العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات STEM وغيرها من المداخل ولعلها نشأت كرد فعل للمارسات والأساليب التقليدية, وأن مناهج الرياضيات أهملت بعض الجوانب الإجتماعية والشخصية والبيئية والتي من ضمنها المسؤلية الإجتماعية والثقافة الإعلامية والمعلوماتية وإدارة الأزمات والكوارث والثقافة الصحية واستخدام التقنية والتعليم الإلكتروني.
وقد تكون هذة الأزمة التي نمر بها نقطة تحول لإعادة النظر في تضمين هذة المهارات وتطوير العديد من الممارسات التعليمية, ويمكن تقديم بعض الاقتراحات في هذا المجال, كما يلي:
• تعزيز الجوانب الإيمانية في محتوى مناهج الرياضيات, وذلك من خلال تضمينه المزيد من الإثراءات والأمثلة الحسابية في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية, ومن الممكن في هذا الجانب تقديم بعض الأمثلة لسرعة انتشار الفيروسات الوبائية وتقديم الرسومات البيانية عليها وتمثيلها, واستشعار عظم خلق الله سبحانه وتعالى في آثار فيروس لايرى بالعين المجردة عطل العالم بأكمله صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
• إثراء مناهج الرياضيات بمزيد من الأنشطة والأمثلة المتعلقة بخدمة المجتمع والمسؤولية الإجتماعية كالتطوع والمشاركة والتعاون, وذلك من خلال تناول أسماء الجمعيات الخيرية والمبادرات التطوعية وتقديم الإحصائيات المتعلقة بها وتضمينها على هيئة أمثلة أو مسائل حسابية أو أنشطة.
• تقديم بعض الأمثلة المتناقضة واكتشاف الخطأ, وذلك لتطوير مهارات التفكير الناقد لدى المتعلمين وتعزيز الثقافة الإعلامية والتبين من المصادر.
• تحتاج مناهج الرياضيات لمزيد من الربط والتكامل مع مناهج العلوم الطبيعية وتضمينها الثقافة الصحية والتعامل مع الأزمات والكوارث الوبائية واتساع أفق الوعي وقيام كل فرد منا بدوره من خلال المدخل البيئي لتحقيق التوازن بين علوم المعرفة المتنوعة.
• تفعيل المنصات والبوابات الإلكترونية طيلة أيام السنة الدراسية, وتقديم البرامج التدريبية عليها, لتقديم بعض الدروس المناسبة من خلالها, وكذلك تقديم بعض الإختبارات.
المشاهدات : 4354
التعليقات: 0