إنّ نعمة العقل التي تميّز بها الإنسان عن باقي المخلوقات جعلته ســيّداً لهذه الدنيا، فــشقّ الجبال، وعبر البحار، وحلّق في السماء، حتى وصل به الحال إلى تطويع كل شيء على وجه الأرض لصالحه، وتتجلى نعمة العقل في حُـسْـن التفكير، لذلك اهتـمّت الفلسفة به، وجعلت منه النواة الأولى لأي هدف يرسمه الإنسان لنفسه، فكلما كان مدركاً للمعطيات، كان أكثر نضجاً وفهماً لما يدور حوله، وعلى ضوء هذا ساد الانجليز الدنيا قروناً طويلة بمفعول حكمة فلسفية يؤمنوا بها، وهي” اقتلهم بالنجاح وادفنهم بابتسامة”، فانتشرت ثقافتهم ولغتهم، حتى أصبحت اليوم هي المحرك الرئيسي للعالم، فلا تكاد تتجه إلى أي بلد، إلا وكانت الآثار الإنجليزية تستقبلك، سواء كنت مُــتّــفقاً معها أو مختلف. ربما سيأتيك من يقول:
قد أفل نجم بريطانيا العظمى من السيطرة، بفعل الثورات عليها في كل مكان، هذا صحيح، ولكن ماذا تركت بعدها؟
لقد تركت الفكر، والقانون، واللغة، الذي تتعامل به دول العالم، ومعنى ذلك أنّ أيديولوجيتها لاتزال ممتدّة عبر تلك الأفكار التي آمنت بها وفرضتها على غيرها.
أحبتي:
لقد تعلمت السعودية عبر أطوارها الثلاثة، أنّ التاريخ هو الكفيل بتدوين الحقائق، فهو لا ينسى البدايات، فضلاً عن الواقع الذي تعيشه، لأنّ ذلك يؤثر في التوجه العام لأيّ دولة، وهذا ما عـمِلت عليه وتسعى إليه.
حيث أصبحت اليوم فيما تقدمه للإنسانية، تنافس الكثير من الدول بالسلام والمحبة والصناعة والحضور السياسي والاقتصادي والفكري، حتى وصل أثرها إلى كل مكان في العالم، فلا يستطيع أحد أنْ ينكر المواقف المشرفة لها، أو يقول إنّ السعودية لم تكن مبادرة في احترام الثقافات والحضارات والقيم، لأنّها عبر تاريخها الممتد لثلاثة قرون كانت ولازالت، مصدر اشعاعٍ، يضئ غياهب الجهل، بالفكر المنير والخير الوفير.
إنّ السعودية اليوم جعلت كلام الحاقدين خلف ظهرها وسارت في خطٍ مستقيم نحو التألق بأيدي أبناءها في كل الميادين، ولك أنْ ترى ذلك في التعليم والصحة والصناعة والأمن والاقتصاد وغيرها من المجالات، فلا يكاد يمرّ يوم عليها دون إنجاز أو مبادرة أو عمل أو حلم يتحقق، حتى أصبحت تدرك أنّ العمل في صمت بخطى ثابتة، ميزة إيجابية لا تحتاج عليها ثناء أحد، مما دفع الكثير من المنافسين اختلاق القصص عبر وسائل الإعلام، فمرة يقولون أنّ السعودية غير مستقرة سياسياً، وآخرون يدّعون بأنّها على حافة الإفلاس والبعض يتباكى على حال الشعب الذي لا يجد ما يأكله.
هل تعلمون لماذا هذه الحملة التي يردون أن يشوّهوا بها السعودية؟
لأنّها أزعجتهم بما تحققه من مكاسب، فعلى الصعيْـدين السياسي والاقتصادي ها هي تقود العالم في مجموعة G20 التي لم يسبق لأحد في الشرق الأوسط نيل شرف ذلك، لتطرح من خلالها أفكارها ورؤاها ومبادراتها التي تخدم الإنسانية، فضلاً عما يقوم به صندوق الاستثمارات العامة من صفقات تكاد أنْ تكون معجزات لغيرها، وهذا كله لا يمكن أنْ يحدث إلا من خلال الاستقرار السياسي على النطاقين الداخلي والخارجي.
أما بالنسبة لحال الشعب فــيكفيه شرف أنّه في عين سلمان، الذي قاده نحو المجد في كافة المجالات، وآخر ما يمكن أنْ نراه من هذه العين الكريمة، ما قاله لنا في بداية حدوث جائحة كوفيد 19 ” أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية “، ومعنى ذلك أنّ شعبه أثمن ما يعتز به.
أحبتي:
لسنا بصدد أنّ عدد ما تقوم به الدولة -أيدها الله-من أمور جليلة تجاه مواطنيها، فهي ترى ذلك من واجباتها تجاههم، وهدفها السامي في هذه الحياة هو الرقي بهم، ولكن أحببت أنْ أذكر لكم أنْ هناك هجمة شرسة تجاه وطنكم من أعداء يتربصون به الدوائر، فمن فارسي يريد أنْ يحيي تراثه في الشرق الأوسط، وعثماني يسعى لسلب مقدراته كما فعلوا في بعض أجزاءه، إلى صهاينة العرب الذين يشوّهوا سمعته بافتراءاتهم عليه.
لذلك يجب أنْ تكون لكم وقفة وطنية تبرزوا فيها القيم السعودية التي ورثتموها عن آباءكم وأجدادكم، وأنْ تحافظوا على المكتسبات التي تحققت على مر العصور، من خلال العمل الدؤوب واستشعار المسؤولية، بأنّ وطنكم عِزّه من عزّكم.
وأعلموا أنّ كل نجاح تحققوه في ميادينكم، سوف ينعكس على أمن واقتصاد وسياسة وطنكم، فضلاً عن المجتمع الذي أنتم منه، فمن الواجب علينا أنّ نتّحد في الإخلاص لبلدنا، وأنْ يكون شعارنا وهمّنا فيه خدمته، لأنّ ذلك سوف يعود علينا بالرفاه والسعادة، ولكي نحققه لابد أنْ نقتل أعداءنا بالنجاح في تظافر جهودنا، وأنْ ندفنهم بابتسامة النصر، عندما نكون صفّاً واحداً خلف قيادتنا.
همسة:
قال الشاعر/
بلادي وإنْ جارت عليّ عزيزة .. وقومي وإنْ ضنّوا عليّ كرام