استقبلت مدارس المملكة، طلابها وطالباتها، اليوم الأحد، الثاني من شهر رمضان المبارك صائمين بعد غياب دام 15 عاماً وتحديداً منذ 1428 هـ.
وتعايش الطلاب بمختلف المراحل مع الأمر الواقع، وظهرت عليهم الجدية والانضباط ومحاولات مستميتة لمقاومة الكسل، وساعد على ذلك الفترة الزمنية القصيرة لكل حصة دراسية التي لا تتجاوز 35 دقيقة، ودون فواصل بين الحصص.
واكتمل وصول الطلاب للمدارس على دفعتين، الأولى من الساعة التاسعة صباحاً، والأخرى في العاشرة، وذلك بحسب ظروف كل منطقة تعليمية استجابة لقرار وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، بالدراسة الحضورية في رمضان لكل المراحل مع توقيتها المرن، فتبارت على أثره إدارات التعليم بالتنسيق مع إمارات المناطق والمحافظات والجهات المعنية في صناعة قرارها الرمضاني.
وتنتهج وزارة التعليم خطواتٍ جادة ومتلاحقة في سبيل الارتقاء بالتعليم وتطويره، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 التي يعد التعليم إحدى ركائزها الرئيسة، الخطوات التي بدأتها الوزارة هذا العام، ولأول مرة، في تقسيم العام الدراسي لثلاثة فصول دراسية، بدءاً من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الأول الثانوي، فيما تم استبعاد الصفين الثاني والثالث الثانوي من هذا النظام الحديث، بسبب صعوبة تطبيق القرارات المستجدة عليهم، وذلك لاختلاف النظام بشكل كبير عمّا اعتادوا عليه طيلة السنوات الدراسية الماضية.
وتطبيقاً لهذا النظام، وتماشياً مع المسيرة الجادة والمنضبطة التي تنتهجها الوزارة منذ عودة الحياة إلى طبيعتها بعد جائحة كورونا، تستقبل المدارس، هذا اليوم الأحد، الطلاب والطالبات صائمين شهرهم الكريم، في حدثٍ هو الأول منذ ما يقارب 15 عامًا؛ ضمن أسابيع الفصل الدراسي الثالث الذي بدأ في 17 من شعبان الماضي وينتهي في الأول من شهر ذي الحجة.
العودة الحضورية
سياق الخطوات الجادة التي اتخذتها الوزارة، تواترت بدءًا بالعودة الحضورية إبّان جائحة كورونا، بعد ارتفاع نسبة التحصين في المجتمع باللقاحات المتوافرة، ليتبع ذلك قرار العودة الحضورية وبشكلٍ كامل للطلاب والطالبات في المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية المعتمدة من وزارة الصحة وهيئة التعليم (وقاية)، ثم مع رفع بعض القيود الاحترازية، كإلغاء التباعد بين الطلاب في الفصول الدراسية، وفي أداء الصلاة والأنشطة الصفية واللاصفية، وعودة الطابور الصباحي.. لتُضاف الدراسة الرمضانية بعد انقطاع ١٥ عاماً إلى سلسلة هذه الخطوات الجادة من وزارة التعليم التي ترفع في كل هذا لواء الجدية والانضباط بعيدًا عن لغة التقاعس والتراخي التي يروّج لها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي.
نظام الدراسة في رمضان
وحدّدت وزارة التعليم بداية الدراسة في مدارس التعليم المستمر (الابتدائية، المتوسطة، الثانوية) من الساعة 9 مساءً وتنتهي حسب الجدول الدراسي لكل مرحلة وصف دراسي، كما منحت وزارة التعليم أيضاً مديري التعليم في المناطق والمحافظات صلاحية تحديد زمن بدء اليوم الدراسي بالتنسيق مع الجهات المعنية في المنطقة أو المحافظة.
طبيب يشيد بقرار الدراسة الرمضانية
وتصدر مشهد عودة الدراسة حضورياً في شهر رمضان المبارك، موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، حيث عبّر مختصون وتربويون وأولياء أمور وطلاب عن سعادتهم بالنظام المرن الذي أقرّته وزارة التعليم، متطلعين للدراسة مجددا في شهر رمضان، حيث كتب الدكتور أحمد العمار، طبيب متخصص بالصحة العامة، يقول: “الدراسة في شهر رمضان؛ ستسهم في ضبط اليوم لدى الطلاب واستشعار الصيام، والأهم أخذ قسط من نوم الليل، وإضافة الموز والتمر لسحوركم، وجعل السواك صديقكم في الحصص”.
لا وقت للتراخي
وأكد عديد من أولياء الأمور أنه لا وقت للتراخي والتقاعس رغم محاولات التشويش والتثبيط التي يتبناها البعض ويحاولون من خلالها التأثير على الطلاب وتعكير عودتهم الحضورية، كما كتب مغرّد يقول: “عودة الطلاب لاستكمال فصل دراسي ثالث لأول مرة مهمة الآن وهو استكمال لمرحلة التعليم التي يمكن تشبيهها بمراحل كل واحدة منها تكمل الأخرى، الدراسة في رمضان هي إكمال لأعوام كنا ندرسها من قبل وبساعات أكثر من الآن، كل التوفيق لطلابنا”.
الصيام محفز ومشجع على الدراسة
كما عبّر عبدالرحمن الشهري، عن سعادته بهذا القرار، حيث كتب عبر حسابه يقول: “يرى الكثير أن الدراسة تشكل عبئًا على الطلاب خلال شهر رمضان وقد يظن البعض أن الصيام يعيق التعليم أو الأنشطة اليومية أو الحياتية، وهذا غير صحيح”، وأشار إلى “أن الصيام محفز ومشجع على الدراسة، وبشيء من التنظيم سيجد الطالب نفسه في سعادة سواء كان في ذهابه إلى المدرسة أو القيام بالمذاكرة”.
“التعليم” تستجيب
ولخصت الدكتورة كوثر الشمري، المشهد في تدوينة لها عبر حسابها على “تويتر”، قائلة: “عندما اتخذت وزارة التعليم القرار الذي طالما نادينا ونادى به آخرون في مجال التعليم لمستقبل الأجيال وثروة الوطن؛ خرج علينا مثقف مرتجل أو كاتب مستعجل أو مشهور مفلس يريدون حضورًا لافتًا لا أكثر على حساب الأجيال”.
وكتب آخر يقول: “يعني خلاكم تداومون برمضان صار يشق عليكم؟ موظفو القطاعين العام والخاص يداومون في رمضان، طالعين لنا بذا الدلع ما نبي نسوي وما نبي نفعل برمضان، طالعين بسالفة رمضان للعبادة وهم ٩٠ % منهم ينام من الفجر وما يصحى إلا مع أذان المغرب”.